أيام قليلة ويبدأ السعوديون موسم الهجرة المعتاد شرقاً وغرباً وفي كل الاتجاهات بحثاً عن مُتعة مختلفة في أماكن مختلفة مع أناس مختلفين. في هذا الموسم كل الأشياء وكل الأماكن وكل البرامج تخصص وتستهدف المواطن السعودي بالدرجة الأولى لأنه المحروم في نظرهم ويفتقد لكل أنواع الترفيه. مع بداية موسم الهجرة سيفكر السعوديون كثيراً في الوجهة التي سيقضون فيها أيام إجازتهم، باستثناء أولئك الذين لا يملكون الوقت ولا المادة ويضطرون إجبارياً للبقاء في داخل الوطن، وأغلبهم من فئة الشباب. هؤلاء وأهاليهم سيعيشون في قلق دائم طوال مدة الإجازة، فهم لا يعلمون كيف ستمضي أيامها الثقيلة عليهم، فلا نشاطات ترفيهية، ولا أجواء ولا طبيعة، وليس أمامهم إلا المكوث في المنزل بذات الروتين المُمل. العائلة التي لا تستطيع السفر إلى الخارج ليس لديها هنا سوى المجمعات التجارية التي حفظ السعوديون معالمها جيداً من كثرة ما يترددون عليها؛ وإن فكروا في الذهاب إلى المطاعم فعليهم الانتظار ساعات طويلة حتى يجدوا مكاناً فيها، في معاناة لن تنتهي، سببها قلة خيارات الترفيه. الخاسر الأكبر من كل هذا الحرمان هم الشباب الذين هم في الحقيقة من يعاني الأمرين؛ فلا مجمعات تقبلهم، ولا مدن ألعاب تعترف بهم، والمكان الوحيد الذي يرحب بهم هو رصيف الشارع حيث يلعبون الورق على جنباته في منظر محزن. هؤلاء الشباب بحاجة ماسة إلى ما يشغل فراغهم ويملأ وقتهم بالمفيد وهنا يأتي السؤال الذي دائماً ما يُطرح: أين جمعية الثقافة والفنون من كل ذلك؟ وأين الجهات الرسمية من هذه المشكلة؟ لماذ لا تقام العروض المسرحية طوال فترة الإجازة ليجد الشباب مكاناً يحتويهم ويقدم لهم ما يفيد؟. لماذا لا تدعى الفرق الخليجية لإقامة عروض مسرحية في مدن المملكة وبنجوم خليجيين لدعم المنتج السعودي من خلال المبالغ التي سيجنيها من بيع التذاكر والتي من الممكن أن يستقطع منها ما يذهب للجمعيات الخيرية؟. من المؤسف أن تكون المملكة وبكل ما حباها الله من إمكانيات ومواهب غائبة أو مغيبة في الشأن الثقافي والفعاليات الثقافية، ومن المؤسف أن يكون المجتمع السعودي بجميع فئاته يبحث عن الخروج من البلد خلال فترات الصيف للبحث عن فعاليات مختلفة وتجدهم يقفون في طوابير طويلة من اجل الحصول على تذكرة دخول سينما أو مسرحية أو حتى حفلاً غنائياً. ومن المؤسف أن تذهب المبالغ الكبيرة للمسارح وصالات السينما في الخارج وتُحرم منها بلادنا. ما الضرر الذي سيصيب المجتمع أو المواطن لو شاهد مسرحية في بلده أو دخل صالات عرض سينمائية في الرياض أو جدة. أوَليس وجوده في هذه الأماكن أجدى من وجوده في المقاهي وغرف البالتوك وأرصفة الشوارع؟. نقلا عن الرياض