يبدو أن وزارة الداخلية فقدت الأمل في المؤسسات الأكاديمية لدينا، فأصبحت تقوم بدورهم وتقدم الإحصائيات للمجتمع، عل المجتمع ينتبه، فيوجد حلولا عاجلة وسريعة قبل أن يتفاقم الأمر وتختفي الطبقة الوسطى لمصلحة الطبقة الفقيرة، فيتشوه المجتمع ويصبح أقلية غنية وغالبية عظمى وفقيرة تحمل شهادات جامعية، وهذا التشوه سيؤدي لقلاقل دائمة ومستمرة ما لم يعاد التوازن للمجتمع ويصبح غالبيته من الطبقة الوسطى وأقلية غنية و فقيرة. آخر إحصائية قدمتها وزارة الداخلية تقول وبصريح العبارة: «إن نسبة 90 % من نزلاء السجون في السعودية من العاطلين عن العمل»، أي كل 90 سجينا من المائة دفعه القطاع العام والخاص للجريمة، أو كان شريكا في هذه الجريمة حين أغلق في وجهه باب العمل لمزيد من الأرباح، وإن حاول القطاعان تبرئة ذاتهما». هذه الإحصائية لا تترك قارئها يغرق بالعموميات، إذ تفصل له أكثر، فتقول: «وأن 70 % منهم من خريجي الجامعات»، بعبارة أوضح كل مائة سجين عاطل عن العمل 70 منهم يحملون الشهادات الجامعية. وكعادة جامعاتنا التي لا تقدم إحصائيات تضيء طريق المجتمع، تحاول سريعا تبرئة ذاتها لترمي التهمة بأكملها على القطاعين العام والخاص، وتؤكد أن الأزمة هنا أزمة توظيف وليست أزمة تعليم، مع أن طالبها يدخل الجامعة وهو لا يعرف ما الذي يحتاجه سوق العمل من تخصصات، ولا هي تمد له يد العون، ربما لأنها هي أيضا لا تعرف ما الذي يحتاجه سوق العمل، فأي أكاديميات هذه التي لا تعرف المتطلبات المستقبلية للمجتمع؟ الكارثة أن الجامعات مازالت تخرج كل عام الآلاف من الطلاب، وتتركهم للطرقات، بلا أمل، ووزارة الخدمة المدنية تخرج فرص عمل تحتاج تخصصات لا يعرفها الطلاب ولا الجامعات، ووزارة العمل لا تضغط على القطاع الخاص كما يجب ليكف القطاع الخاص عن أنانيته، إذ يحضر عمالة أرخص لمزيد من الأرباح. هذه التخبطات بين الأكاديميات والوزارات هي لا تطحن خريجي الجامعات وتدفعهم للجريمة فقط، هي أيضا تقول لوزارة الداخلية: عليك فتح سجون جديدة لاستيعاب الخريجين الجدد كل عام. نقلا عن عكاظ