المنافسة هي روح العمل وتحديدا قطاعات الاعمال التي بدونها تصبح مهددة بالموت او الانقراض. اعلم ان هذه العبارة قد لا تروق لكثير من العاملين في قطاعات الاعمال لانهم يرغبون اللعب في السوق دون منافسة ، الا انها نظرة قصيرة تضر اصحابها قبل غيرهم. واعتقد انني استطيع تبرير ذلك فيما بعد. اما عنوان هذا المقال فهو محاولة ايجاد الفرق بين ثلاثة انواع من المنافسة ، وليس نوعين فقط ، فعلى الرغم من صعوبة هذا التفريق ، الا ان البحث عن الفرق يساعدنا في ايجاد العلاقة الاستراتيجية الوثيقة بينهما ، مما سيكون له اثر ايجابي على اداء المنشآت عند صياغة وتنفيذ استراتيجيتها التنافسية في اي من هذه المستويات الثلاثة. فالمنافسة يمكن النظر اليها على مستوى المنشأة وعلى مستوى القطاع ثم على مستوى الدولة ، كما انه يمكن ان يربط ذلك بعامل الوقت مما يجعل المدى الزمني لكل منها متسقا بالترتيب السابق للثلاثة مستويات. فالمنافسة على مستوى المنشأة هي المنافسة التي تحدث بين منشأتين او اكثر يعملان في نفس السوق ويقدمان نفس الخدمات والمنتجات للفئات المستهدفة في ذلك السوق.عى كل منشأة في هذه الاسواق الى تصدر هذه المنافسة ، وتزداد المنافسة عندما تسعى كل منهما الى كسب حصة سوقية اكبر من بقية المنافسين. والمحك الرئيس في هذا المستوى من المنافسة يتمثل في قدرة كل منها على تقديم خدمات ومنتجات اكثر كفاءة وفعالية للعملاء المستهدفين والمستفدين من تلك الخدمات الامر الذي ينعكس على اداء المنشأة وقدراتها وامكانياتها المختلفة. اما المنافسة على مستوى القطاع فهي المنافسة التي يتمتع بها قطاع معيّن في دولة ما مقارنة بالقطاعات الاخرى. وعند الحديث عن هذا النوع من المنافسة فانه من المهم تحديد هذا القطاع تحديدا دقيقا حيث يمكن ان يكون جزءا من صناعة معينة وقد يمثل كامل الصناعة. فقد تكون المنافسة على هذا المستوى تعنى بصناعة المواد الغذائية اجمالا او تكون على قطاع الالبان ومشتقاتها فقط داخل هذه الصناعة على سبيل المثال. ويمكن النظر الى المنافسة على هذا المستوى من خلال قدرة هذا القطاع على تحقيق نجاح مستمر مقارنة بالقطاعات الاخرى. مما يخولنا بالقول ان تلك الدولة متميزة في هذا القطاع او ذاك ، وهو امر يقودنا للحديث عن الميزات النسبية ولكن في مقام اخر. واما المنافسة على مستوى الدولة ، او ما يطلق عليها حاليا التنافسية ، فهي المنافسة بين الدول لتحقيق تنمية مستدامة تحقق من خلالها الاستقرار على كافة المستويات. والحديث عن هذا النوع من المنافسة يقود الى قدرة الدولة الى على تنظيم وتطوير اليات المنافسة على كافة المستويات ودعم القطاعات والمنشآت العاملة فيها بشكل تكاملي يعزز قدرتها التنافسية على المدى البعيد. وفي حال غياب النظرة الاستراتيجية المتكاملة لهذه الانواع الثلاثة من المنافسة سيؤدي ذلك حتما الى غياب التكامل المطلوب لتحقيق نجاح على اي من هذه المستويات. فلا يمكن ان يكون هناك قطاع او صناعة قوية وتنافسية ما لم يكن هناك منشآت قوية تستطيع المنافسة ليس على النطاق المحلي فقط بل على النطاق الدولي مما يجعل هناك مجال للمقارنة مع المنافسين في تلك الدول ورفع مستوى المعيشة الى المستويات الدولية التي تتنافس معها منشآت القطاع او القطاعات التنافسية في الدولة. ولعلي افرد المقال القادم باذن الله تعالى عن النوع الاول من هذه الانواع وسأحاول من خلال ذلك اقناع العاملين فيه بأن للمنافسة اهمية وفوائد اكثر من اضرارها. نقلا عن الرياض