يتسم القرن الحادي والعشرين بالتغيرات المتسارعة نتيجة التقدم التكنولوجي السريع والمستمر مما كان له الأثر البالغ في جميع مجالات الحياة العصرية و ديناميكيتها واتجاهها المستمر نحو التغيير، لذلك أصبح من الضروي لكافة المنظمات وخاصة منظمات قطاع الأعمال التنبؤ بهذه التغييرات لضمان استمراريتها في الأسواق الاقتصادية وبقائها. ولعل من السبل التي تستطيع من خلالها المنظمات مواجهة بعض تلك الظروف المتغيرة هي التحالفات الإستراتيجية، فقد ظهر نموذج التحالفات الإستراتيجية ليصبح الأداة الفعالة للمنظمات في إرساء مبدأ التعاون مكان مبدأ المنافسة مما أدى إلى تجاوز العديد من العقبات والأزمات على المستوى المحلي والإقليمي وصولا للعالمي. في هذا المقال سوف يتم الحديث عن ماهية، أهمية، أشكال، أهداف التحالفات الإستراتيجية، وأخيرا، أسس التحالف الإستراتيجي الناجح. تعرف التحالفات الإستراتيجية بإنها عبارة عن علاقة تعاقدية بين منظمتين أو أكثر للعمل مع بعضهما البعض في استغلال مواردهما لتحقيق أهداف مشتركة خلال مدى زمني محدد. تكمن أهمية التحالفات الإستراتيجية بأنها تأتي متسقة تماما مع يحتاجه العصر الحالي في ظل وجود مخاطر كثيرة تهدد حياة المنظمات في التنافس على الموارد والعملاء، حيث إنها تقود إلى تطبيق مفهوم التعاون ومواجهة المخاطر وتقاسم المنافع بين المنظمات. التحالفات الإستراتيجية تختلف بأختلاف ( النشاط: صناعي، خدمي، مالي، تجاري، زراعي)، المدى الزمني «قصير، متوسط، طويل»، درجة الخاطرة «محدودة، متوسطة، عالية»، النطاق (محلي، إقليمي، دولي، عالمي) وقد تكون بين منظمات متنافسة أو منظمات غير متنافسة وقد يصاحبها تغيير في الملكية وقد لا يصاحبها، وتأخذ الأشكال التالية: أ- المشاريع المشتركة (تكون خيار المنظمات عندما يكون هناك مشروع معين يصعب على المنظمة تنفيذه بشكل مستقل، لذلك تنشأ هذه العلاقة بين منظمتين أو أكثر وهدفها تنفيذ مشروع معين خلال وقت محدد). ب- المصادر الخارجية (تلجأ المنظمات لهذا الشكل من أجل تخفيض التكلفة، أو الحصول على جودة وتقنية أعلى من الحليف المحتمل، مثال ذلك الحصول على موارد طبيعية وبشرية وتكنولوجيا مساعدة في عملية الإنتاج). ج- ترخيص استخدام التقنية (ويكون خيار المنظمات من أجل الدخول في أسواق جديدة بتكلفة منخفضة و ذلك من خلال ترخيص العلامة التجارية والملكية الفكرية، وتكون درجة المخاطرة عالية في هذا الشكل). د- ترخيص صنع وبيع المنتج أو الخدمة ( يكون خيارا للمنظمات لتوسيع نطاق بيع المنتجات والخدمات من خلال ترخيص يشمل فقط صنع وبيع المنتج أو الخدمة في منطقة جغرافية محددة). ه- ترخيص الامتياز ( خيار آخر للمنظمات للدخول في أسواق جديدة ولكن دور المنظمات الرئيسية أو مايعرف ب(المنظمات «الأم» محدود من خلال استلام رسوم الامتياز فقط، وتكون درجة المخاطرة بهذا الشكل متدنية). و- البحوث والتطوير (هدف المنظمات هنا تخفيض تكاليف البحث والتطوير مماينتج عنه تقليص دورة المنتج وسرعة إضافة التحسينات على المنتجات والخدمات). ز- شراكة تسويقية تسعى من خلالها المنظمة إلى الاستفادة من خبرات المنظمات الرائدة في مجال التسويق لتسويق وتوزيع منتجاتها وخدماتها بطريقة أكثر فاعلية أو من أجل الدخول إلى أسواق جديدة. أهداف التحالفات الإستراتيجية يمكن تقسيمها حسب المستفيد، وهي كالتالي: 1 - المنظمات المتحالفة: أ- تقليص تكاليف المنظمات. ب- تحسين الميزة التنافسية للمنظمات. ج- ضمان فرص بقائها في عالم الأعمال لفترة طويلة مقابل انخفاض حدة المنافسة. د- توفرالموراد للمنظمات سواء كانت طبيعية، مالية، بشرية، تكنولوجية والاستفادة منها بشكل كفء وفعال ه - تقليل نسبة المخاطرة. و- التغلب على على القيود الحكومية والدخول إلى أسواق جديدة. ز- الحصول على المعرفة والتكنولوجيا والتي تساهم بتقليص دورة المنتجات وإضافة التحسينات عليها بوقت قصير، بالإضافة إلى اكتساب العاملين الخبرات من الشريك. 2 - الحكومات: أ- يضمن للحكومات استخدام المنظمات للموارد المتاحة بشكل فعال وكفء. ب- المساعدة في خلق وظائف جديدة تساعد في نمو اقتصاد الدولة بشكل عام. ج- تحسين المركز التنافسي للدولة في المجال الاقتصادي ككل. د- جذب رأس المال الأجنبي. ه- تقلل من الأعباء الحكومية المتحملة في حال إفلاس المنظمة وخروجها من السوق ومايترتب عليه من ديون وخسارة العاملين لوظائفهم، وذلك من خلال ضمان استمراريتها في سوق العمل لفترة أطول. 3 - المجتمع: أ- تحقيق متطلبات العملاء من المنتجات والخدمات. ب- توفير مزايا تنافسية للعملاء. ج- تحقيق مستويات جودة عالية في المنتجات والخدمات. د- تقليل مستويات المشاكل المتعلقة بالبيئة وذلك من خلال ضمان استثمار الموارد بشكل كفء بالإضافة إلى الاستفادة من خبرات الحليف المعرفية والتطبيقة في هذا المجال. لكي يصبح التحالف الإستراتيجي ناجحا للشركة أو المنظمة لابد أن يشمل مايلي: أ- تحديد أهداف المنظمة الحالية والمستقبلية، بمعنى هل يمكنها تحقيق أهدافها بشكل منفرد أم لابد من وجود حليف لتحقيق ذلك. ب- التعرف على ثقافة وأهداف الحليف المستقبلي. ج- المحافظة على هوية المنظمة. د- وجود عقد شامل يوضح ويحفظ حق كل منظمة. ه- تكافؤ الموارد بين الأطراف المتحالفة، بحيث كل طرف يستفيد من عملية التحالف. و- وجود ثقة متبادلة بين الأطراف المتحالفة. ز- وجود آلية متفق عليها للحصول على حلول للصراعات المحتملة. ح-اختيار الشكل المناسب لعملية التحالف الإستراتيجي (هل هي مشاريع مشتركة، شراكة إستراتيجية، أم ترخيص). ختاما، من خلال ما سبق يتضح لنا حجم المنافع المكتسبة عند حدوث التحالفات الإستراتيجية سواء كانت على صعيد المنظمات، الحكومات وأخيرا المجتمع، لذلك تصبح تلك التحالفات ضرورة ملحة تقود المنظمات للبقاء والنمو في عالم الأعمال في العصر الحالي.