النجاح الحقيقي في المنافسة هو النجاح الذي يضمن للمنشأة الاستمرار في تحقيق المكانة والنتائج التي تطمح إليها. وهنا نطرح سؤالاً هل المنافسة هي التغلب على المنافسين أم أن هناك مفهوما آخر للمنافسة وهو ما يمكن أن نسميه بالمنافسة الإستراتيجية. يتبادر إلى ذهن كثير من الممارسين والمهتمين في قطاعات الأعمال أن الهدف الأساسي من المنافسة هو أن يحبط برامج وخطط المنافسين وان يكون همه الأكبر أن يخلخل مواقفهم ويفسد عليهم اسواقهم. ولكنني اقول ان هذه النظرة العدائية غير سليمة وان مداها ونتائجها قصيرة. ان السوق دائما كبير ويستوعب والعمل المهني يمكن ان يكون اقل حدة من ذلك. ولاختصار هذه المقدمة فان السؤال المهم هو ان قوة المنشأة من عدمها انما يعتمد على مدى قدرتها في احتواء عملائها وكسب عملاء جدد، وليس القضاء على المنافسين، وبالتالي فان المنافسين ليسوا هم محور القضية بل هم العملاء. وفي هذا السياق يتلذذ العملاء في كثير من الاحيان بشدة المنافسة وضراوتها بين المتعاملين في الصناعة ويرون ان ذلك في صالحهم خاصة اذا كانت المنافسة تدور حول الاسعار بينما هم لا يعلمون ان هذه المنافسة غير الاستراتيجية يمكن ان تؤدي الى خروج كل او بعض المنافسين وينفرد بهم احدهم او بعضهم ويعوض الاول والاخر من اسعار وارباح وبهذا ينقلب فرحهم الى ترح. ان المنافسة الاستراتيجية هي تلك التي تنظر الى ابعد واعمق مما ينظر اليه الاخرون سواء من المنشات او العملاء. فالمنشات التي ترغب في المنافسة الحقيقية والبعيدة المدى يجب ان تركز في جهودها التنافسية على عملائها. التركيز يجب ان ينصب على العملاء ماذا يريدون ومتى يريدونه وكيف يريدونه وما هي الاسعار التي تناسبهم وغيرها من الاسئلة المعروفة لدى العاملين في هذا القطاع عندما يدور الحديث عن دراسة عملائهم واحتياجاتهم، وينسون الدخول في حرب مع هذا المنافس او ذاك. وانا هنا لا اقول ان نتجاهل المنافسين عندما اقول نركز على العملاء ولا اقول ان المنافسين سيتركون المنشأة في حالها اذا هي تركتهم، ولكن اقول يجب ان لا يكون الهم هو القضاء عليهم او الترصد لحركاتهم والدخول معهم في حروب لها اول وليس لها اخر، وهذا لا يتنافى مع دراسة المنافسين وسياساتهم وخططهم وان نستمع الى ما يقال عنهم في الاسواق وما يقدمونه من منتجات وخدمات ولكن هذه الدراسات ليس هدفا بحد ذاتها او اننا نريد فقط ان نفشل خططهم ولكن للتعرف على ماذا يقدمون لعملائنا وما هي المميزات التي يتفوقون بها علينا لنرسم استراتيجيتنا التنافسة على تحقيق منافع افضل واكثر لعملائنا. وبهذا المفهوم المختلف قليلا عما هو سائد فان تركيز المنشاة في استراتيجيتها التنافسية على عملائها وتقديم الخدمات والمنتجات التي يتطلعون اليها ستجلعهم اكثر سعادة في التعامل معها بغض النظر هل هم اعلى ام اقل سعرا طالما ان ذلك يحقق منفعة لهم وان هناك قيمة حقيقية يحصلون عليها مقابل تلك الاسعار وهذا في المقابل سيجعل المنشاة تركز على نقاط القوة لديها وتحولها الى مميزات تنافسية تتناسب واجتياجات عملائها بعيدا عن المنافسة الآنية التي يمكن ان تدمر المنشاة ونظيراتها في الصناعة اضافة الى تدمير السوق والصناعة بشكل عام الامر الذي سيكون له اثر سلبي على التكامل المتوقع بين مستويات المنافسة الثلاث. * إدارة إستراتيجية وتسويق كلية إدارة الأعمال - جامعة الملك سعود