في وسط العديد من المرافق والمنشآت الضخمة في مدينة الجبيل الصناعية، أنشأت أرامكو السعودية معمل الغاز في واسط، وهو أكبر معامل الغاز غير المصاحب التي أنشأتها الشركة طوال تاريخها، لتوسع معه قدرتها على زيادة إنتاج الغاز الطبيعي بما يُسهم في زيادة الدخل، وتنمية الاقتصاد الوطني وتنويعه بصورة مستدامة، والمساعدة في إنشاء قطاع طاقة حيوي قادر على المنافسة العالمية. يُعَدُّ هذا المعمل العملاق أول معامل الشركة التي تستخدم تقنية مبتكرة في معالجة الغاز لتحسين كفاءة استخلاص الكبريت بما يصل إلى 99.3 %، ويُسهم بمفرده في رفع طاقة معالجة الغاز في المملكة بنسبة 20 %. الطريق إلى واسط تفسر الرحلة إلى معمل واسط سبب تسميته التي أطلقها البدو الذين يعيشون حول المدينة على الموقع، إذ أنه محاط بالعديد من التلال، ما يجعله يتوسطها، ومنه جاءت التسمية. ولا يقود الطريق باتجاه واسط إلى معملها فقط، وإنما إلى أهداف أرامكو السعودية الاستراتيجية في مجال الغاز الطبيعي، إذ سرعان ما تصل المعمل وتلمس جهدًا حيويًا في القدرات التشغيلية الضخمة للتقليل من اعتماد المملكة على الوقود السائل في توليد الكهرباء. عند مدخل المعمل تقف أمام منشأة عملاقة هدفها تمكين النمو الاقتصادي من خلال طاقة معالجة للغاز تبلغ 2.6 مليار قدم مكعبة قياسية في اليوم. وذلك ما بدأ مع تشغيل المعمل في أكتوبر 2015م، ثم بتدشينه رسميًا في 1 ديسمبر 2016م. عملاق بتقنية مبتكرة يزيد معمل الغاز في واسط، إلى جانب مشروع معمل الغاز في الخرسانية، قدرة المملكة في معالجة الغاز بنحو 40 %، كما يمكنه تجزئة سوائل الغاز الطبيعي المنتَجة في مناطق أخرى إلى الإيثان والبروبان والبيوتان والبنزين الطبيعي. وقد تم تصميم معمل واسط لمعالجة كميات ضخمة من الغاز غير المصاحب لإنتاج 1.7 مليار قدم مكعبة قياسية من غاز البيع أو الميثان وضخها إلى شبكة الغاز الرئيسة التي توفر بدورها إمدادات الغاز الطبيعي إلى محطات توليد الطاقة الكهربائية، وتحلية المياه التي تلبّي احتياجات المملكة من الكهرباء والمياه في المرافق الصناعية والسكنية. كما ينتج المعمل 4800 طن متري يوميًا من الكبريت المذاب ويعالج 250 ألف برميل من الزيت يوميًا لإنتاج أنواع متعددة من اللقيم مثل الإيثان والبروبان والبوتان والبنزين الطبيعي للقطاع الصناعي للبتروكيميائيات. الفوهة الكبيرة تطلّبت معظم برنامج واسط استراتيجيات مبتكرة في تنفيذ المشروعات، حيث عمل مركز الحلول التابع للشركة على تسريع دورة تطوير المشروعات وتقديم تقييمات توفر للمديرين درجة أعلى من الوضوح فيما يتعلق بالوفر في التكلفة واختصار الجداول الزمنية. وكان من نتائج هذا الأسلوب استخدام طريقة "الفوهة الكبيرة" في إنجاز آبار ذات طاقة عالية قادرة على الإنتاج بمعدلات كبيرة للغاية، مع خفض تكلفة الإنتاج بدرجة كبيرة وتحقيق درجة أعلى من مرونة الإنتاج لتلبية الطلب. الاكتفاء الذاتي يعكس تصميم معمل واسط خطة الشركة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في توليد الكهرباء، حيث يستطيع المعمل، عن طريق استخدام حرارة العادم في إنتاج البخار، توليد 750 ميغاواط من الكهرباء. وهذه العملية، المعروفة بالإنتاج المشترك، تتيح إنتاج الكهرباء كمنتج ثانوي لأعمال الشركة، وبذلك تقل كمية الوقود اللازم لإنتاج الطاقة، والوقود المستهلك، ومن ثمّ تنخفض الانبعاثات. كما أن التقنيات المستخدمة في معمل الغاز في واسط عزّزت النجاح المستمر لأرامكو السعودية في زيادة إمدادات الغاز الطبيعي الأقل تلويثًا للبيئة، ما يُمكِّنها من خفض الانبعاثات وإنشاء صناعات جديدة، وتوفير المزيد من النفط الخام للتكرير بصورة تحقق قيمة مضافة أو استغلالها للتصدير. وقد وصل معمل الغاز في واسط، مع إكمال مرافقه في أكتوبر 2016م إلى طاقته التشغيلية الكاملة، كما تم تشغيل مرافق جديدة لتوليد الطاقة الكهربائية بطاقة 984 ميغاواط من خلال إنجاز مجموعة مشروعات للإنتاج المزدوج، منها مشروعات توسعة المرافق في الشيبة. ومن خلال معمل الغاز في واسط ومعامل الغاز الأخرى في شبكة الغاز الرئيسة، تتمكّن الشركة من معالجة أكثر من 11 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز في اليوم، للوفاء بالتزامها بدعم التقدم والازدهار على نحو آمنٍ ومستدامٍ. نجاح الصناعات الجديدة يعكس معمل الغاز في واسط كثيرًا من القيم الأساسية لأعمال أرامكو السعودية كشركةٍ رائدةٍ للطاقة العالمية، وعنوان كبير للتنمية السعودية، لذلك فإن شبكة الغاز الرئيسة تمثل خطوة استراتيجية تنطوي على آفاق ورؤى مستقبلية لخدمة المملكة، فالغاز الطبيعي يُعد لقيمًا مهمًا لصناعة البتروكيميائيات المتنامية في المملكة، الأمر الذي يساعد في إيجاد مواد خام يمكن تحويلها إلى منتجات عالية القيمة، مثل الدهانات والمواد اللاصقة واللدائن البلاستيكية ومواد العزل بل وحتى قطع غيار السيارات. ومع أهمية دور المملكة، كونها أكبر مورد للنفط الخام في العالم، فإن الغاز الطبيعي يشكّل قاعدة أساس لتطوير الاقتصاد وتحقيق فوائد جمة للمجتمع. فاستخدام الغاز الطبيعي يساعد المملكة على التقليل من الانبعاثات، وإيجاد بيئة أنظف في جميع مناطقها، كما أن الغاز الطبيعي يوفر سبل التمكين والنجاح للصناعات الجديدة، التي تخلق فرص عمل للكوادر الوطنية على أرض المملكة، ويسمح لها ببيع كميات أكبر من النفط الخام وأنواع الوقود السائل الأخرى الأعلى قيمة وتصديرها للخارج، بما يحقق مزيدًا من الإيرادات، ويُسهم في تنويع الدخل للمملكة. تأهيل الموارد البشرية الوطنية في إطار تطوير قدرات الموارد البشرية الوطنية وتأهيلها وفقًا لاحتياجات المستقبل التنموي، منحت أرامكو السعودية الموظفين السعوديين الثقة اللازمة لتولّي أعمال تصميم وبناء معمل الغاز في واسط ومرافق التوليد المشترك للطاقة، ومما يدعو للفخر والاعتزاز أن جميع أعضاء فريق أعمال الإنتاج المشترك كانوا سعوديين، والعديد منهم من خريجي برنامج التدرج الذي ترعاه الشركة، وقد حمل هذا الفريق الشاب على عاتقه مسؤولية كبيرة، حيث كانت الضرورة تحتم أن توفر محطة الإنتاج المشترك الكهرباء والبخار لدعم أنشطة التشغيل التجريبي قبل بدء أعمال المعمل. وبناءً على سياسة الشركة في تشجيع الموردين المحليين، فقد وجَّه مشروع واسط كثيرًا من مشترياته من السلع والخدمات إلى شركات محلية، حيث تم شراء 40 % من مواد المشروع محليًا وتصنيعها داخل المملكة، ما يُسهم بالتالي في إتاحة فرص عمل للسعوديين في المصانع، وبناء قاعدة محلية توفّر حاجة الشركة من المواد، وتجدر الإشارة إلى أن عددًا كبيرًا من موظفي المقاولين العاملين في المشروع (أكثر من 1800) من السعوديين، سواء الفنيين أو مهندسي ومديري مشروعات. تميّز عالمي كانت ثمار تطور الأداء التشغيلي بمعمل الغاز في واسط حصوله على جائزتين عالميتين من أفضل فئات الجودة عن جهوده في تقليل حرق الغاز، وكفاءة استخدام الطاقة، وذلك خلال فعاليات المؤتمر السنوي الخامس والعشرين، الذي نظمته منظمة الجودة لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، الذي عُقد في إندونيسيا خلال أكتوبر 2019م، حيث تم تكريم معمل واسط و23 جهة رائدة من تسعة بلدان لتحقيقها إنجازات مهمة في رحلة التميزُّ في الأعمال. وفاز المعمل بالجائزة الذهبية عن فئة "التميُّز في الأداء العالمي" عن كيفية إدارة المعمل للآثار البيئية، وذلك باستخدام "نظام استرداد غاز الحرق"، حيث تمكّن المعمل من تقليل حرق الغازات إلى حدٍّ كبيرٍ. وقد أدّت المحافظة على موثوقية هذا النظام، جنبًا إلى جنب مع نظام الإدارة البيئية الشامل، إلى تحقيق المستوى الأول من نظام الإدارة البيئية كما تم اعتماده مؤخرًا من قبل إدارة حماية البيئة. إضافة إلى ذلك، أنجز المعمل تركيب خطٍ بديلٍ يُستخدم لإرسال الإيثان عند بدء تشغيل معمل سوائل الغاز الطبيعي إلى معمل غاز البري، بدلًا من إحراقه أثناء عملية تشغيل الوحدة. كما حصد المعمل جائزة الابتكار عن "برنامج إدارة الابتكار"، الذي يغطي المسؤوليات، ومراحل وخطوات عملية الابتكار، ومقاييس الأداء، والمُنتجَ النهائي.