ثمة أسئلة تعصف في الذهن هل يمكن أنم يكون للباحة خيار سياحي متميز؟ وإلى أي مدى يمكن تصنيع السياحة في الباحة؟ وكيف نرتقي بالثقافة السياحية؟ وهل هناك أمل في توجيه بوصلة السياحة نحو الداخل؟ وهل ننتظر طويلا ليشارك القطاع الخاص من أجل المشاركة الفعلية في اقامة مشاريع ايوائية كالفنادق والمجمعات والمنتجعات والشقق المفروشة؟ والسؤال الصعب متى تكتمل البنية التحتية من أجل سياحة مستدامة؟ كانت تلك الأسئلة تدور في ذهني قُبيل انطلاقة عربة السير التي اقلت إعلاميي منطقة الباحة في اتجاه سيدتَي الجبال وصديقتَي السحاب محافظتي بني حسن والمندق. من على شرفة المكان المجاور للمركز الحضاري تبدت مدينة الباحة كثمرة لوز بيضاء تلك المدينة الحسناء نمت على ذرا جبال السراة واستقرت كلؤلؤة بين أكناف الجبال تحفها السحب البيضاء، أثناء عبورها من الجانب الغربي محملة بالخير والبركة والحديث عن الباحة يطول ، في تلك الاثناء شقت الحافلة طريقها نحو الشمال مرورا من طريق الملك عبدالله بمحاذاة غابة رغدان تلك الحديقة الغناء التي وهبها الخالق عز وجل لتكون واحدة من أجمل المواقع السياحية بل غدت علامة جمالية وسياحية بارزة، ما أن تُذكر الباحة حتى تُذكر غابة رغدان وهنيهات قليلة وبرز أمامنا جبل أشم إنه جبل "بهول" ذلك الجبل الذي يقف كالحارس الأمين على مر الأزمان لتزدهر على جوانبه الكثير من القرى بني سعد الطويلة الجادية الحمض قرى بيضان، وها هي السيارة تنعطف يمينا مرورا من الطريق الذي أسماه الشباب" المعلق" حيث يشق الجبل من الناحية الشمالية ليفضي إلى منتزه رغدان، والرائي من على جوانب الطريق يُخيل له أنه على متن طائرة نظرا لارتفاع مستوى الطريق وتناثر القرى لتشكل رؤية بانورامية متميزة، لوحة تعكس شواهد التنمية في كافة مدن وقرى منطقة الباحة وأخذ الطريق يتعرج بين ثنيات الجبل ارتفاعا وهبوطا، وأشجار العرر تحف بجانبية في منظر بديع، كان الحديث السائد بين الإعلاميين الذين قرروا المشاركة في هذه الجولة الإعلامية لمواقع سياحية باذخة الجمال وفي مقدمتهم مدير عام التطوير السياحي الأستاذ الخلوق محمد لافي وعميد الاعلاميين رئيس اللجنة الإعلامية الاستاذ الوقور الأستاذ عبدالرحمن أبو رياح ونائبه المذيع المتألق محمد هضبان، وكان الجميع يبحث عن اجابة لسؤال رئيس كيف يتمكن الإعلام بكل أشكاله وأنواعه من نقل صورة واقعية عن منطقة تزخر بكل معاني الجمال ومفردات الحسن تزدهي بكل مقومات السياحة والتي تجعل منها منطقة سياحية مهمة مثل الطبيعة الخلابة والمناخ الآسر والغابات التي تكسو جبالها فضلا عن مبانيها التراثية . لم يوقف ذلك الحديث الشجي إلا عبارات الترحاب من سعادة محافظ محافظة المندق الأستاذ محمد الفايز والأستاذ فيصل الزهراني رئيس المجلس البلدي و رئيس اللجنة الإعلامية الأستاذ محمد الزهراني ونائبه الأستاذ محمد البيضاني وبقية رفاقهم الخلوقين ، وفي داخل مقر الضيافة التي جاءت كعلامة تنم عن سخاء سكان تلك المحافظة وكرمهم وحبه للضيف فغدت ابتساماتهم حقولا من الأزهار الندية، أعرب المحافظ عن بالغ بهجته بالوفد الإعلامي وتحدث عن الجهود التي يبذلها كافة المسؤولين في المحافظة والمح عن آمال وطموحات الأهالي في تنفيذ عدد من الخدمات السياحية وتأتي دور الإيواء في مقدمتها مؤكدا أنه وجميع مديري المصالح الحكومية سيذللون كل الصعوبات، ومضى الأستاذ الفايز في معرض حديثه عن جماليات المواقع السياحية خصوصا منتزه الأمير مشاري الذي حظي بالخدمات الجيدة ومنتزه جدر الذي يتميز بشلاله وجداوله الرقراقة ، ووقف الجميع على تلك المواقع الجميلة مرورا بمسرح أنيق اقيم في وسط منتزه الأمير مشاري بن سعود حيث كانت فرقة شعبية تقدم بعض الرقصات الشعبية وسط حضور بهي من الزوار والمصطافين ، ولمّا كانت اللوحة الجمالية تزيد جمالا وقف الجميع على شرفة في اطلالة بديعة على الشلال وبئر القلت ومجرى الوادي الذي يتلوى كغصن لدن يترقرق ماؤه كالفضة مما يحقق راحة نفسية للزائر، وقد احسنت البلدية في انشاء مطل راق بالاستفادة من عناصر البيئة كالأحجار والأخشاب وذلك بهدف الحفاظ على نقاء البيئة، ورغم الانحدار الشديد ووجود المنعطفات إلا أنه كما يصفه البعض بأنه ميزة تضاف للمكان خصوصاً محبي المغامرة مما اختير كميدان مناسبا لسباق الرالي صعودا نحو القمة في منعطفات مثيرة لمحبي هذه الرياضة ، البعض من الزملاء راح في لحظات جذلى في اقتناص الدهشة بالتقاط الصور التذكارية، تحركت الحافلة عابرة الجبال الشماء نحو المندق مرورا بالكثير من القرى التي تناثرت كأكمام الورود كحميم زهران والهتافرة والعفوص ورباع والعصداء والمحاميد والقبل والعيص وربوع الصفح وعنازه السرفة مولغ الجماجم وكانت هناك محطات لافتة للانتباه أولها سوق شعبي قديم يتنحى جانبا من قرية العفوص يسمى سوق النقعة ومن الجوانب المضيئة إعادة إحياء تلك الأسواق الشعبية بأسلوب يتناغم وروح العصر، أما المحطة الثانية بروز عدد من أبناء تلك القرى في مجال الشعراء والأدب والقصة والإعلام والتاريخ أمثال الدكتور راشد الزهراني والدكتور عبدالواحد الزهراني والدكتور أحمد قران وعبدالله البيضاني وعلي البيضاني وصالح اللخمي وأحمد الدرمحي وعلي حسين الزهراني و موسى الزهراني ورياض الخزمري وصالح هنيدي وعلي المنكوته وغيرهم كثر مما لا تحضرني اسماؤهم وأثناء مرورنا من بين تلك القرى كان لابد أن نقف لمشاهدة متحف خاص اقامة سامي مرضي الخزمري احتوى على كثير من المقتنيات التراثية ملابس حلى أدوات زراعية وغيرها وكنت وغيرى من الزملاء نتمنى شيئين أولها تمهيد الطريق الموصل للمتحف وتوسعة الطريق فضلا عن مبادرة أحد رجال الأعمال لإنشاء مبنى ليكون مقرا ثابتا للمتحف على شريطة اقتباس الطراز المعماري التقليدي كي يصبح أحد النقاط الهامة والجاذبة للزوار والسياح لمشاهدة تلك المقتنيات التي تحكي قصة الماضي، يشعر الزائر بأنه داخل حديقة غناء فالأشجار تحف به من كافة الجوانب مما يتطلب الحفاظ على تلك الثروة ، لننتقل إلى القرى القريبة من المندق وهي عشبة والنصباء ديار الشاعر الراحل جمعان البراق يرحمه الله ووادي الضرك ومدهاس الذي بني بجواره ساحة تقام بها الفعاليات فضلا عن النافورة الراقصة ، وأهالي المندق لديهم التميز في استقبال الضيوف واكرامهم فكان المحافظ الأستاذ صالح القلطي والأستاذ مهدي الكناني رئيس اللجنة الإعلامية في مقدمة المستقبلين وعدد من الشباب المخلصين حيث ارتسمت على محيا الجميع الابتسامة وعلت وجوههم البشاشة مما يؤكد أصالة معدنهم كيف لا وهم أحفاد الصحابي الجليل أبي هريرة رضي الله عنه والطفيل بن عمر احد الزعماء الأزديين، وترك لنا المحافظ رؤية الأفعال الرائعة التي تضافرت عدد من المصالح الحكومية في سبيل توفيرها مثل النافورة الراقصة والتي تعد أحد أهم الأفكار الجديدة وكذلك مسرح الديناصورات لربط الزائر بالماضي الموغل في القدم لتشكل متعة بصرية واضافة ثقافية عما كانت عليه الحياة في الأزمنة القديمة وبعد أن جلس الوفد على مقربة من السد حتى تراقصت المياه مصحوبة بأضواء خافتة وملونة لتشكل في مجملها لوحة مبتكرة يصاحب ذلك أداء فرقة شعبية بإشراف الفنانين المعروفين محمد الزهراني فنان الديرة والممثل الشهير محمد الزهراني واللذين يعززان ويوجهان الفرقة مع تنظيم المسابقة لتقدم ألوانا من الرقصات الشعبية كالعرضة والمسحباني، وكان الإعلامي القدير مهدي الكناني رئيس اللجنة الإعلامية في محافظة المندق بوعيه وثقافته وأدبه الجم وروحه الجميلة يشرح للوفد مواطن الجمال والجهود التي تقوم بها المصالح الحكومية بمتابعة من سعادة المحافظ الأستاذ صالح القلطي الذي اخذ نصب عينيه تطوير المحافظة وهذا الذي كان الأهالي يتحدثون عن تلك الجهود الموفقة ويؤكد الاستاذ القلطي في كلمة مختصرة ارتجلها اهتمام سمو أمير منطقة الباحة الدكتور حسام بن سعود وسعادة وكيل الأمارة الدكتور حامد الشمري بكل محافظات المنطقة ومن بينها المندق كما رحب باسم الجميع بالوفد الإعلامي طالبا منهم نقل الواقع كما هو واثقا بأن المندق بغاباتها ومنتزهاتها وجبالها وضبابها وأوديها ستكون الأجمل والأمتع في نظر الزائر، وقال بأن سمو أمير المنطقة لديه من الرؤية الواعية التي تجعل الأمل كبير بأن تصبح الباحة في مقدمة المناطق السياحية مشيدا بمتابعة سموه ومتابعة سعادة الدكتور حامد الشمري لكل الفعاليات مقدما شكره لرئيس بلدية المندق لجهوده الواضحة ولأهالي المندق الذين وجد منهم الدعم والمؤازرة من أجل الارتقاء بالمحافظة. كانت العودة قبيل منتصف الليل وجميع الإعلامين يحملون في سريرتهم الشكر والتقدير والثناء العطر لكل الذين يعملون بحب وإخلاص لوطننا الغالي. ومضات من الجولة: الأستاذ محمد لافي تميز بقدرته الخطابية وحديثه الشجي عن السياحة ودورها الحيوي في تشكيل رافد تنموي للمنطقة. الزميلان سامي شريم ومحمد الزهراني حريصان لنقل كل وقائع الزيارة عن طريق سناب الباحة الذي يضم قرابة مائة ألف. المذيع محمد هضبان كان مستمتعا بالجولة ويقول بأن الراكب يحظى بالمشاهدة أفضل بكثير من السائق. يلتقط السائق زايد الغامدي بعض مواقفه الحياتية ويسردها بأسلوب شيق. الزميل عبدالخالق ناصر بركات تعرض لانخفاض مفاجئ في معدل السكر مما ذهب الى البقالة ليأتي بكميات من العصائر والبسكويت ليوزعه على أعضاء الفريق الإعلامي. أحد الزائرين من أهالي القصيم الذ وجدناه على مقربة من شلال جدرعبر مشاعر البهجة باختياره الباحة لتكون محطته السياحية . الاطفال عزام بن عبدالرحمن أبو رياح وسيف شريم وفارس الغامدي امتع الحاضرين بحديثهم الطفولي البريء. ماجد الشطي تفاعل مع صوت الزير ليقوم بأداء رقصة المسحباني بمشاركة جمعان الكرت. الأستاذ عبدالله حسن يتابع عن كثب أعمال الأسر المنتجة مذللا الصعوبات التي تواجههم. قدمت الفرقتان الشعبيتان بمحافظتي المندق وبني حسن الرقصات الشعبية أمام زوار المنطقة ويستحقون بالفعل الشكر والتقدير. شارك في الرحلة عدد من المصورين المحترفين وفي مقدمتهم الصحفي والمصور محمد أبو راس والأستاذ محمد الضويان. انطلقت الجولة من بعد صلاة العصر حتى الساعة الحادية عشر مساء. * جمعان الكرت _ كاتب صحفي وقاص روائي . * السعودية _ الباحة .