رواية الكاتب الليبي مجاهد البوسيفي، وعنوانها «آزاتسي»، صدرت عن منشورات ضفاف، يمكن إدراجها من دون تردد ضمن موجة الكتابة التي انطلقت في أعقاب الربيع العربي، مستثمرة هامش الحرية الذي وجد فجأة بعد زمن طويل من الكبت والحرمان. رواية البوسيفي التي وقّعها في معرض القاهرة الدولي للكتاب قبل مدة في حضور أدباء ليبيين ومصريين، تتطرق إلى تفاصيل جريئة غير مكشوف عنها في زمن العقيد معمر القذافي. تسرد الرواية، ضمن ما تسرد، تجربة الكاتب مع طلب اللجوء إلى هولندا، وتطوّف بأحوال اللاجئين العرب في ذلك البلد بين اللجوء والمنفى، تحضر ليبيا في أطوار مختلفة من تاريخها القديم والحديث. ينتقد سالم بطل الرواية، ويفضح ويعري، ولكن من دون ضجيج ومن تورم في الذات. تعاين الرواية شخصيات مسحوقة بفعل بطش وجبروت سلطة، لا تعترف بالإنسان وحقه في العيش الكريم، ممعنة في قمعه وتكبيله. من ليبيا، السجن الكبير، إلى مركز للجوء، تدور عجلة الرواية، تكترث الرواية للحسّ الإنساني، فيحضر فيها غير الليبي من عراقيين وأفغان وسواهما. تفعل الذاكرة فعلها في هذه الرواية، فمعظم الأحداث تُستعاد من الماضي الذي يتحول إلى حاضر الرواية ونافذة على مستقبلها. وما يميز هذه الرواية، سردها الدقيق ولغتها الحميمية، وكأنها ليست الأولى للكاتب، إذ كتبت ببراعة بإحساس عميق، لما يكتنف الإنسان أي إنسان من هواجس وهموم ومآسي. رواية البوسيفي تحفل أيضاً بالغرائبي، وفقاً إلى غرائبية السلطة الليبية وذهابها بعيداً في التنكيل بالإنسان.