في تقويم يعبر عن شعور بالتشاؤم حيال تطورات الأوضاع في سورية، قال موفد الأممالمتحدة والجامعة العربية الأخضر الإبراهيمي بعد وصوله إلى دمشق امس، في أول زيارة له منذ توليه مهام منصبه، إن «الأزمة تتفاقم»، مشددا على ضرورة «وقف النزيف»، فيما جدد الرئيس المصري محمد مرسي مطالبته للرئيس بشار الأسد بالرحيل، مؤكدا انه لا مجال ل»حديث الاصلاح» في سورية، وأن «رئيس يقتل شعبه أمر غير مقبول». وعزز تدهور الوضع الأمني على الأرض التصورات «المتشائمة» حول الوضع السوري، إذ نشب ما ظهر انه بوادر «اقتتال طائفي» في دمشق، عندما اشتبكت ميليشيات شيعية في حي السيدة زينب مع مقاتلين سنة، ما أدى الى مقتل ما لا يقل عن ثلاثة وإصابة نحو 16 بعضهم في حالة خطيرة. فيما تواصل القتال في حلب وتمكن المعارضون من تحقيق تقدم في «حي الميدان» الاستراتيجي الذي يفتح قلب حلب امامهم. ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن الإبراهيمي قوله لدى وصوله دمشق: «قدمنا إلى سورية للتشاور مع الأخوة السوريين، فهناك أزمة كبيرة فى سورية واعتقد أنها تتفاقم». وأضاف في تصريحات أدلى بها في مطار دمشق الدولي: «أعتقد أن لا احد يختلف على ضرورة وقف النزيف وإعادة الوئام إلى أبناء الوطن الواحد ونأمل بأن نوفق في ذلك». وأعلن أحمد فوزي الناطق باسم الإبراهيمي أن مختار لماني أحد كبار مساعدي المبعوث الدولي والذي يرافقه خلال زيارته سيبقى في دمشق «لتولي مهامه كرئيس لمكتب الموفد المشترك الى سورية». ومن غير الواضح بعد ما إذا كانت مهمة لماني تتضمن «مراقبة» الوضع الأمني والتبليغ عن انتهاكات، على غرار المهمات السابقة لفرق المراقبين التابعين للامم المتحدة، أم تقتصر على تمهيد الأرض لحوار سياسي بين النظام والمعارضة. وقال فوزي إن الإبراهيمي سيجري محادثات مع «الحكومة ومع ممثلين عن المعارضة والمجتمع المدني». والتقى الابراهيمي الذي من المقرر ان يجتمع اليوم مع الاسد مساء وزير الخارجية السوري وليد المعلم ، على أن يلتقي لاحقا ممثلين عن تنظيمات المجتمع المدني والمعارضة . وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي استقبل الإبراهيمي في المطار ورافقه إلى مقر اقامته في أحد فنادق دمشق: «نحن واثقون بان السيد الابراهيمي يتفهم بشكل عام التطورات وطريقة حل المشاكل على الرغم من التعقيدات». وأضاف «نحن متفائلون ونتمنى للابراهيمي كل النجاح». ولم يمنع وصول الإبراهيمي إلى سورية، طرفي النزاع من مواصلة الاشتباكات العنيفة وذلك وسط حال من التشكك وعدم الثقة في امكان تحقيق المبعوث الدولي»اختراقاً» في مهمته. وتحدث ناشطون وشهود عن مواجهات عنيفة بين «ميليشيات شيعية» ومقاتلين من المعارضة قرب ضريح السيدة زينب في دمشق. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان وناشطون أن مواجهات حي السيدة زينب تعتبر تصعيدا ملحوظا في التوتر الطائفي في العاصمة. ووفقاً لشهود وسكان، اندلعت الاشتباكات على بعد نحو كيلومتر من الضريح بين ميليشيا شيعية في المنطقة موالية للنظام ومقاتلين ينتمون في الاغلب إلى السنّة. وقال ناشط من دمشق طلب عدم كشف اسمه: «الناس في دمشق بدأوا يتقاتلون. النظام يحاول تحريض الاقليات من خلال تخويفهم وأعطى البعض أسلحة». وأضاف: «النظام بدأ يقصف المنطقة ايضا... لا نعرف ما اذا كان هذا لوقف الاشتباكات أو تشجيعها». وقال المرصد السوري إن عددا من الصواريخ سقط على أحياء قريبة تقطنها في الاغلب الاقلية الشيعية. وقال ناشط إن الجماعة الموالية للنظام التي تقاتل المعارضة هي من طائفة شيعية يسميها السكان «اللجان الشعبية» التي تشكلها الاحياء. وفي حلب، قال شهود عيان ومصادر عسكرية إن المعارضين المسلحين احرزوا تقدماً في منطقة حي الميدان التي تحاول كل من قوات المعارضة والقوات النظامية إحكام السيطرة عليها، وسط اندلاع معارك اخرى ضارية في حلب. وقال احد المواطنين إن المعارضين المسلحين «كانوا في منطقة بستان الباشا وتقدموا باتجاه شارع سليمان الحلبي. والآن دخلوا شارعاً في الميدان». ويعتبر حي الميدان استراتيجياً لانه يفتح الطريق نحو الساحة الرئيسية للمدينة. وتعرضت احياء اخرى في حلب يسيطر عليها المعارضون إلى القصف. وقتل احد عشر شخصا على الاقل عندما استهدفت مروحية تقاطعاً في حي «طريق الباب» في حلب. ومع التدهور الأمني المتواصل، أكد قادة دوليون مجددا أن «نافذة الاصلاح» في سورية أغلقت، وأنه لا حل سوى برحيل النظام. ففي بغداد اعتبر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ان النظام السوري «زائل لا محالة ومن المستحيل ان يبقى»، مستنكرا ما رأى انها «مساعدة نشطة» تقدمها طهران إلى دمشق وتشمل ارسال أسلحة. وقال هيغ في مؤتمر صحافي إنه ناقش مع نظيره العراقي هوشيار زيباري»الحاجة للانتقال إلى سورية اكثر ديموقراطية واستقرارا، وهذا الطريق الوحيد لتجنب حرب أهلية طويلة أو انهيار الدولة السورية أو وقوع عدد اكبر من القتلى وزيادة اعداد اللاجئين». وتابع هيغ «نؤيد تشكيل حكومة انتقالية تعيد السلام والاستقرار إلى سورية». من جهته، قال زيباري:»اتفقنا على عملية انتقال سياسي ديموقراطي وتحقيق نظام ديموقراطي تعددي ممثل لكافة فئات الشعب السوري ... وان يقرر الشعب السوري مصيره بنفسه من دون تدخل اجنبي». وفي بروكسيل، كرر الرئيس مرسي موقفه من انه يجب على الاسد التنحي «لأن رئيساً يقتل شعبه غير مقبول». وأضاف في تصريحات للصحافيين «نعتقد ان هناك ضرورة الآن لتغيير النظام في سورية، هذا ما اتفقنا عليه»، مؤكداً انه لا مجال للحديث عن اصلاحات في سورية بل يجب الحديث عن التغيير ووقف «نزيف الدم» هناك. فيما اعلن رئيس المفوضية الاوروبية جوزيه مانويل باروزو:»نحن ايضاً مصرون ان على الاسد الرحيل». وأكد ان «لا مكان» للرئيس الاسد في سورية، داعياً الشركاء الدوليين لتحمل مسؤوليتهم ازاء الشعب السوري. وأضاف انه لا يفهم موقف بعض الدول «الداعم للنظام الديكتاتوري» في سورية. إلى ذلك، دعا أيمن الظواهري زعيم تنظيم «القاعدة» في شريط صوتي وضع على الانترنت أمس جميع المسلمين إلى دعم المعارضة في سورية، قائلا إن اطاحة الأسد ستقربهم من هدفهم النهائي وهو هزيمة إسرائيل.