وصل الموفد العربي والدولي الى سوريا الاخضر الابراهيمي الى دمشق امس في اول مهمة له في هذا البلد وصفها مسبقا بانها "بالغة الصعوبة"، بعد 18 شهرا من اندلاع حركة احتجاجية تحولت حربا مدمرة. وحتى قبل وصول الابراهيمي الذي يفترض ان يلتقي الرئيس السوري بشار الاسد، استمر قصف معاقل المعارضين المسلحين والمعارك العنيفة خصوصا في حلب التي تشهد معارك طاحنة منذ اكثر من شهر ونصف الشهر، وقد تمكن المعارضون من التقدم الى وسط المدينة امس. عناصر من الجيش الحر يوزعون مساعدات انسانية على المدنيين في حي طريق الباب في حلب (رويترز) واكدت بريطانيا من جديد امس ان نظام الرئيس السوري بشار الاسد "زائل لا محالة ومن المستحيل ان يبقى". ووصل الى الفندق الذي سينزل فيه في وسط العاصمة السورية ولم يتحدث الى الصحافيين المتجمعين في المكان. وقال نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد الذي كان يرافق الابراهيمي للصحافيين "نحن واثقون بان السيد الابراهيمي يتفهم بشكل عام التطورات وطريقة حل المشاكل على الرغم من التعقيدات". واضاف "نحن متفائلون ونتمنى للابراهيمي كل النجاح". وسيلتقي الابراهيمي مساء الخميس وزير الخارجية السوري وليد المعلم. واشار احمد فوزي المتحدث باسم الابراهيمي الى ان مختار لاماني يرافق الابراهيمي وسيبقى في دمشق "لتولي مهامه كرئيس لمكتب الموفد المشترك الى سوريا". واقر الابراهيمي في القاهرة الاثنين بان مهمته "صعبة جدا"، مشيرا الى انه سيبذل قصارى جهده من اجل حل سلمي يخدم الشعب السوري. ويخلف الابراهيمي الامين العام السابق للامم المتحدة كوفي انان الذي حاول على مدى خمسة اشهر ايجاد مخرج للازمة السورية ووضع خطة اعلن مجلس الامن دعمه لها. لكن الخطة بقيت حبرا على ورق لا سيما بالنسبة الى البند الابرز فيها وهو وقف اطلاق النار الذي اعلن في منتصف نيسان/ابريل ولم يطبق. ميدانيا، قال شهود عيان ومصادر عسكرية ان المعارضين المسلحين احرزوا تقدما في منطقة حي الميدان المتنازع عليها في وسط حلب بينما اندلعت معارك في عدة احياء اخرى من ثاني كبرى المدن السورية. وقال احد المواطنين ان المعارضين المسلحين "كانوا في منطقة بستان الباشا وتقدموا باتجاه شارع سليمان الحلبي. والآن دخلوا شارعا في الميدان". وباتت حلب، العاصمة الاقتصادية لسوريا، مسرحا لمعارك شرسة منذ اكثر من شهرين بين الجيش النظامي ومتمردي الجيش السوري الحر. ويعتبر حي الميدان استراتيجيا لانه يفتح الطريق نحو الساحة الرئيسية للمدينة. وتعرضت احياء اخرى في حلب يسيطر عليها الثوارالى القصف، كما اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان. وقتل احد عشر شخصا على الاقل عندما استهدفت مروحية تقاطعا في حي طريق الباب في حلب، بحسب المرصد. ولم يتم تحديد ما اذا كان القتلى من المعارضين المسلحين او المدنيين. لكن شريط فيديو تم توزيعه يظهر جثثا عدة في القسم الخلفي لشاحنة صغيرة وعلى الارصفة بعضها تعرض لحروق شديدة والبعض الاخر مغطى بالدماء. وفي جنوب حلب تعرض حي بستان القصر للقصف وافاد سكان عن حصول مواجهات في حي الكلاسة. وقال مصدر عسكري ان مواجهات حصلت ايضا في حي سيف الدولة غرب المدينة. وافادت لجان التنسيق المحلية التي تنظم التظاهرات ضد النظام على الارض ان قصفا عنيفا طال منطقة الفردوس. وفي وقت سابق اعلن المرصد عن قصف استهدف ليلا منطقة كرم الجبل في محافظة حلب وادى الى مقتل اربعة اشخاص، فيما حصلت مواجهات بين الجيش النظامي والمتمردين في العاصمة دمشق. واعلن المرصد ايضا ان نائبا سابقا هو احمد الترك قتل بنيران قوات الامن التي اقتحمت منزله فجرا في حرستا في محافظة دمشق واعتقلت ابنه. كما افاد عن انفجار سيارة في حي ركن الدين في دمشق دون وقوع اصابات مع تعرض حي التضامن للقصف. وتحدث عن مقتل ثلاثة اشخاص في قذائف سقطت على منطقة السيدة زينب. وافاد ناشطو لجان التنسيق المحلية عن معارك بين الجيش وثوار الجيش السوري الحر في حي القابون في العاصمة. وفي حصيلة اولية حصدت اعمال العنف الخميس 23 قتيلا، وذلك غداة مقتل 129 شخصا هم 70 مدنيا و42 جنديا و17 متمردا، بحسب المرصد. وفي بغداد قال وزير الخارجية البريطاني الكسندر هيغ في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره العراقي هوشيار زيباري "نحن متاكدون من ان نظام الاسد زائل لا محالة وانه من المستحيل ان يبقى بعد ان ارتكب العديد من الجرائم". واضاف انه ناقش مع زيباري "الحاجة للتحول الى سوريا اكثر ديموقراطية واستقرارا"، مؤكدا ان هذا هو "الطريق الوحيد لتجنب حرب اهلية طويلة او انهيار الدولة السورية او وقوع عدد اكبر من القتلى وازدياد اعداد اللاجئين". من جهته، دعا العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني خلال لقائه وزير الدفاع الفرنسي جان ايف لودريان الى حل سياسي يحافظ على وحدة سوريا ويجنب شعبها المعاناة، على ما افاد مصدر رسمي. ونقل بيان صادر عن الديوان الملكي عن الملك تأكيده خلال اللقاء "موقف الاردن الداعم لايجاد حل سياسي (للازمة في سوريا) يجنب الشعب السوري المزيد من المعاناة ويحافظ على وحدة سوريا وتماسكها". وتشهد سوريا منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية منتصف آذار/مارس 2011، اعمال عنف اتسعت رقعتها تدريجيا وحملة قمع اسفرت عن سقوط اكثر من 27 الف قتيل، بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان.