تجلس خديجة، وهي أفريقية في العقد السادس من عمرها، عند بسطتها قرب ممرات «سوق الحمام» جنوب مدينة الرياض، لبيع الألعاب النارية أو ما يعرف شعبياً ب«الطراطيع»، فيما لا يزال حمد النافع يتذكر «اليوم الأسود» الذي فقد فيه أصبعين من يده بسبب ألعاب نارية أطلقها أقرباؤه خلال العيد الماضي. حمد لم يذهب يوماً إلى أسواق بيع الألعاب النارية لاقتناء تلك المفرقعات على حد قوله، لكنه وقف لثواني معدودة لمشاركة أبناء عمومته فرحة عيد الفطر قبل عامين، وهو ينظر إليهم من دون أن يشترك في إطلاق المفرقعات، ولم يعرف خطورة موقعه إلا حين أحس بألم في يده، رافقه سيلان دماء بشكل غزير، ليكتشف لاحقاً أنه فقد أصبعين من يده اليمنى. هذا مشهد واحد من سلسلة مشاهد مألوفة لدى العاملين في طوارئ المستشفيات خلال أيام العيد، جراء اللهو بألعاب نارية من شأنها «تفتيت الصخور» بحسب تأكيدات متعهدي بيعها، وظلت تلك الألعاب مصدر قلق لدى الأسر جراء الحوادث التي تخلفها، إلا أن تلك المخاوف اصطدمت بانعدام التوعية لديهم من مخاطرها إلا بعد حدوث إصابات لأبنائهم. واتضح مبيعات كبيرة للألعاب النارية في عدد من أسواق مدينة الرياض، إذ ملأت الألعاب النارية مع بداية العشر الأواخر من شهر رمضان، الساحات والأبواب الرئيسية للأسواق بمسميات مغرية للترويج لها، فيما كان الأطفال أبرز الزبائن. وعلى غير عادة، عمد معظم بائعيها إلى وضع بسطاتهم قرب «الأراضي البيضاء»، استعداداً للهرب حين مداهمة الجهات الأمنية لتلك البسطات، فيما لجأ آخرون إلى أسلوب مغاير لبيعها عند الإشارات المرورية. وأوضحت إحدى البائعات تُدعى «أم ريان»، أن أسعار الألعاب تختلف من مبسط إلى آخر على حسب بائعتها، إذ تبدأ من 5 ريالات وتصل إلى 350 ريالاً، مشيرة إلى أن أغلاها «الكمثرى»، وهي عبارة عن عبوة بلاستيكية محشوة بالبارود ومواد أخرى، تحدث لدى انفجارها صوتاً قوياً، ويصدر عنها ألوان مختلفة. وتطرقت إلى أن الإقبال يكثر على «الكمثرى» و«الطعمية» و«عزوز» و«الطائر الزاحف» و«شمس» و«الفيصلية» و«الفراشة» و«أبو ديك». وأكّدت البائعة خديجة (نيجيرية الجنسية)، أن تجارة الألعاب النارية مربحة، إذ أن متوسط البيع اليومي يتراوح ما بين 4 إلى 5 كراتين متوسطة الأحجام، وتتجاوز الأرباح حاجز ال1500 ريال يومياً، مضيفة أن هناك موزعين لهذه الألعاب، يمرون على التجار باستمرار. وذكرت أنها تعلم عن مخاطر تلك الألعاب على الأطفال، عازية استمرارها في البيع إلى صعوبة أحوالها المادية، مؤكدة أنها لا تدع صغارها يلعبون بتلك المواد، التي من شأنها تُفتت الصخور. وطالبت خديجة بأن تعمل الأجهزة الأمنية على محاسبة الموردين الأساسيين لتلك الألعاب، بدلاً من ملاحقة بائعيها.