مع كل عيد تبدأ الأسر "مرغمة" في البحث عن ألعاب نارية لأطفالها أسوة بأطفال الحارة، رغم عدم قناعة ولي أمر الأسرة ومعرفة خطورة هذه الألعاب على الأطفال. وظلت الألعاب النارية خلال الأعوام الماضية مصدر قلق لدى الأسر جراء الحوادث التي تخلفها، فقبل عام فقد "حمد النافع" اثنتين من أصابع يده وهو يمارس الهواية المفضلة له ولأقرانه في أيام العيد اللعب ب"الألعاب النارية" أو كما يسميها كبار السن "الطراطيع". وسارعت الجهات الأمنية إلى منع دخولها وملاحقة بائعيها، لكن انعدام التوعية لدى الآباء لأطفالهم وعدم صرامة الإجراءات الأمنية للحد من بيع تلك الألعاب جعلها من أفضل الألعاب عند الأطفال حتى الآن. ارتفاع أسعارها ورصدت "الوطن" في جولة لأسواق الرياض حيث ملأت الألعاب النارية مع بداية العشر الأواخر من شهر رمضان بشكل لافت الساحات والأبواب الرئيسية للأسواق بمسميات مغرية للترويج للسلعة بشكل جذاب من أجل رفع أسعارها بشكل يفوق أسعار العام ب 50%، وتنتشر مواقع بيعها في سوق أم الحمام الذي يعد أكبر الأسواق لبيعها، وكذلك أسواق العويس والنسيم، وبالقرب من أسواق المجد لتغطية معظم أحياء الرياض. وباتت هذه الألعاب الخطرة والمقلقة هاجسا مؤرقا للعديد من الأسر وبعض الجهات الحكومية ك"مديرية الدفاع المدني" المناط بها مباشرة الحرائق التي عادة ما تحدث أيام العيد بسبب ألعاب نارية، العديد من الأسر لا تزال تأمل أن يتم اجتثاث تلك الألعاب وأنهاء البيع العلني التي تشهده هذه الصنعة. ورغم أن هناك تحذيرات من الجهات الأمنية، لكن من يشاهد الكميات الكبيرة يضع أمامه علامات استفهام وتساؤلات كبيرة عن المصدر الذي دخلت منه هذه الألعاب الخطرة. الكمثرى والطعمية تكسب وأوضحت إحدى البائعات تدعى "أم ريان" أن أسعار الألعاب تختلف من مبسط إلى آخر على حسب بائعتها، حيث تبدأ من الخمسة ريالات إلى 350 ريالاً وتشير إلى إن أغلاها الكمثرى وهي عبارة عن عبوة بلاستيكية محشوة بارود ومواد أخرى تحدث لدى انفجارها صوتاً قوياً كما تبعث ألواناً وأشكالا مختلفة. وقالت إن غالبية الإقبال تكثر على الألعاب النارية المسماة الكمثرى والطعمية وعزوز والطائر الزاحف وشمس والفيصلية والفراشة وأبو ديك. وتعترف خديجة عبدالله "نيجيرية الجنسية": هذه التجارة مربحة وكنت أبيع كل يوم ما بين أربعة إلى خمسة كراتين متوسطة الأحجام وأن الأرباح المادية تجاوزت ال 1500 ريال يومياً، مضيفة أن هناك موزعين خاصين لها يمرون على التجار باستمرار. وتقول خديجة وهي تتحدث عن هذه التجارة إنها تعلم عن مدى خطورتها على الأطفال ورغم ذلك تبيعها باستمرار لصعوبة أحوالها المادية وأنها لا تدع صغارها يلعبون بتلك المواد التي من شأنها تفتيت الصخور، ورأت خديجة أن تقوم أجهزة الدولة الأمنية "بمحاسبة الموردين الأساسيين لها" بدلاً من بائعيها. لجنة للحد منها من جهته، أكد الناطق الإعلامي باسم شرطة منطقة الرياض المقدم سامي الشويرخ أن أمير منطقة الرياض بالإنابة صاحب السمو الملكي الأمير سطام بن عبدالعزيز وجه بتشكيل لجنة مكونة من أمانة منطقة الرياض وإدارة المجاهدين والدفاع المدني وشرطة منطقة الرياض ممثلة بإدارة التحريات والبحث الجنائي وقوة المهمات والواجبات الخاصة وإدارة الأسلحة والمتفجرات للحد من بيع الألعاب النارية والقيام برصد ومتابعة المواقع والأماكن والمستودعات التي يتم بيع وتخزين هذه الألعاب النارية بها ومصادرتها وإتلافها. وأوضح الشويرخ في حديثه إلى "الوطن"، أن شرطة منطقة الرياض أتلفت خمسة أطنان وأربعمئة وستة وأربعين كيلو من هذه المواد الضارة المزعجة في حملتين متتاليتين حفاظاً على سلامة الأرواح والممتلكات. وأضاف الشويرخ أن شرطة منطقة الرياض عملت جولات تفتيشية مستمرة ومجدولة للمواقع التي سبق وأن صودرت هذه الألعاب منها للتأكد من خلوها من المفرقعات والألعاب النارية الخطيرة ويتم بصفة مستمرة متابعة وضبط من يقوم ببيع وترويج هذه الألعاب وإحالته لجهة الاختصاص لتطبيق النظام بحقه. وحول ما يعمل مع باعة تلك الألعاب، أبان الشويرخ أنهم يسلمون لمركز الشرطة المختص الذي يقوم بضبط أقوال المقبوض عليه ومعرفه المصدر الذي حصل منه على هذه الألعاب ثم يعرض عنه لمقام الإمارة لتقرير ما يجب بحقه وفق الأنظمة والتعليمات. من جانبه، حذر الناطق الإعلامي باسم مديرية الدفاع المدني بمنطقة الرياض النقيب عبدالله القفاري في حديثه إلى "الوطن"، صغار السن وآباءهم من استخدام الألعاب النارية بشكل خاطئ، وأن استخدامها يجب أن يراعى فيه مبدأ السلامة، مبيناً بأن مديرية الدفاع لاحظت في بعض الأحيان بأن مستخدمي الألعاب النارية يعملون بها دون رقيب الأمر المسبب ل"الحوادث والإصابات" لدى صغار السن، لكنه استدرك "أن تلك الحوادث لم تصل لحد الظاهرة". وبيّن القفاري أن للألعاب النارية عدة مخاطر لا تكمن من الألعاب ذاتها وإنما في عملية إشعال تلك الألعاب عبر "القداحة" أو "أعواد الثقاب" المسبب في الحرائق، بالإضافة إلى استخدام تلك الألعاب بالقرب من "خيام" أو "عشب" السريعة في الاشتعال. ووجه القفاري رسالة للآباء مفادها "أرجوكم لا تدعوا أطفالكم يستخدمون تلك الألعاب بأنفسهم، وراقبوهم أثناء اللعب بتلك المواد".