ضمن البرنامج الدعوي الرئيس المصاحب لفعاليات معرض وسائل الدعوة إلى الله تعالى (كن داعياً ) الذي تنظمه وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في منطقة تبوك في الفترة من 20-29/4/1433ه ، ألقى فضيلة الشيخ الدكتور عويض بن حمدان العطوي يوم الأحد الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر 1433ه محاضرة بجامع الأمير سلطان بن عبد العزيز ( الدعوة ) بمدينة تبوك بعنوان: ( اهمية التحصين الفكري من خلال العمل الدعوي ) . وقد استهل فضيلته المحاضرة بشكر الله تعالى والثناء له ، ورحب بالمتواجدين في المحاضرة وقال : ايه الأخوة الكرام كان هذا الرجل ويقال له ابن السقاء وكان يعلم الناس القرآن فذهب الى بلاد الإفرنج وساءت حاله حتى نسي القرآن كله ، بل وترك الإسلام ودخل النصرانية ، وقد قابله بعضهم وكان كبيراً بالسن وقد هزل ما فعل الله بك قال : على ما ترى وقالوا اين القرآن الذي حفظته قال نسيته كله الا { رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ }، هذه الحادثة ذكرها الذهبي - رحمة الله – عن هذا الرجل في سير علام النبلاء وهي مدخل حديثنا معكم عن قضية الانحراف الفكري وأهمية تحصين الفكري . وقال فضيلته : انا سقت هذا الحدث حتى نعلم أن هذا الأمر بالخطورة بما كانوا وأن كان هذا المر قد ساقة بعض المؤرخين فأننا نجد في القرآن اشارات كثيرة الى هذه القضية،. كيف ينتكس الإنسان ويعود عن طريق الحق ويقبل بالضلال بعد ما علم الحق ، هذا الإنسان اعطاه الله الآيات وبصره بها فلا ينقصه العلم ، ولكنه انسلخ من هذه الآيات والعياذ بالله يقول بعض أهل العلم فأنسلخ منها ، ولم يقولوا سلخه الله منها ، وهذه دلالة بأنه باختياره اختار هذا الطريق اقتنع بهذا الطريق الضال ، وانسلخ ولا حظوا معي كلمة انسلخ فهي تعني خلع هذا الشي الساجر له ، وهذا دليل أن الدين ستر لنا وحماية لنا ، وأن آيات الله ستر لنا وحماية لنا ، فاذا انسلخ ، أو ابتعد الانسان منها ، فيتعرض للفتن والانحرافات . وقال فضيلته : نجد الكثير من يحضر للمحاضرات والدروس ، ولا تجد الا القليل الذي يعتني بها ، وذكر الله لنا - سبحانه وتعالى - قارون اما قال انه كان من قوم موسى كان من ضمنهم لكنه اختبر بالمال وفتن بالمال ، وكانت نهايته فخسفنا به وداره بالأرض . مبيناً أن المسألة جداً خطيرة والدليل أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان دائما يدعي ربه ويقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ، ويقول -صلى الله عليه وسلم- : إن القلوب بين اصبعين من اصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، بل تأملوا معي كيف قال خليل الله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- واجنبني وبني أن نعبد الأصنام . وحذر فضلته من أن الالحاد هو نوع من أنواع الانحراف بل هو من أعلاها بل هو الكفر ، وهو موجود في شباب من شبابنا لكنه أحياناً مستور ، والإعلام ا لجديد بدأ يظهر هذه الأمور ، ولذلك علينا أن ندعو الله عز وجل أن يصلح أبناءنا وأن يحفظهم من الشرور وأن لا تكون في نياتنا فقط القضايا الأخلاقية وأن يحفظهم من الانزلاق الخطير الذي لا يقبله الله عز وجل من أحد ولا يغفر لصاحبه إن لم يرجع هو الشرك بالله أو الكفر أو الإلحاد . كما حذر فضيلته من الخروج على ولاة الأمر لأنه هو صورة من صور الانحراف ، وكذا التجرأ على كلام الله أو يتكلمون بطريقة لا تليق بالأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مع الله أو مع كلامه عز وجل فإن هذا صورة من الانحراف وهو بداية لانحراف أعظم وأكبر وقد يحصل هذا بين الزملاء والأصحاب وليعظ بعضنا بعضاً فإن المؤمن إذا جاءه كلام الله قدره وعظمه ، قال الله تعالى : { وما كان لمؤمن ومؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون له الخيرة في أمرهم } . وأوضح الشيخ العطوي أن من صور الانحراف التشكيك في الثوابت فتسمع بين الفينة والأخرى من يتكلم في القرآن الكريم وفي حجية السنة وأن في القرآن بعضه متشابه وبعضه محكم ، أو أن هذا القرآن ليس بكلام الله تعالى ، بل أنه من صنع محمد صلى الله عليه وسلم ويدخلون من مدخل خبيث فيتحدثون عن بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم وقوة حجته فينبهر بعض المسلمين أنه يثنون عن الرسول عليه الصلاة والسلام ومضى فضيلته يقول : إني رأيت اناساً في الغرب ربما الكبار منهم يعرفون شعائر الاسلام العامة ، والله أني رأيت شيئاً مزعجاً انك تجد ابنائهم انصاف مسلمين ، أما أبناء الأبناء فقل من يبقى من الإسلام الا اسمه فلو جاءته شبهة هذا وهو لا يعرف قرآناً ولا حديثاً ولا يعرف لغة أصلاً وهي اللغة العربية ، وأبوه موجود ، أو جده موجود ، فقد رأيتهم يصلون والصلبان في اعناقهم ، وهم مسلمون لاحظ أنه يصلي والصليب على عنقه لا يعرف من الإسلام شيئاً لأنه عاش في بيئة غير مسلمة فهذا لو عرضت عليه شُبهة هل يتقبلها بعض الشبه خطيرة وبعض الشبه ملغمة لا يستطيع بعض ضعفاء العلم إلا أن يتشربوها ويأخذوها . وحذر فضيلته من أن هناك علامات ومظاهر تدل على الانحراف ، مثل العلامات التي تدل على متعاطي المخدرات ، هناك ايضاُ علامات تدل على الانحراف ، ومن مظاهر الانحراف التعصب للرأي في القضايا الشرعية ، والمظهر الثاني : التحزب لفئة أو طائفة أو جماعة تجده منضوي تحت مجموعة لا يعرف إلا هي ، ثالثاً: التبعية العمياء وهي اتباع شخص بكل ما يقول ، رابعاً : التعالم وهي ان رأيت شاب مع صغر سنه تجده يفتي ويناقش في مسألة ويتصدر المجالس ، مع العلم أن أناس تأتي من بعيد لتسأل الإمام مالك عن مسألة ، فيقول لا أعلم ، خامساً : تنقص العلماء وغيبتهم ، سادساً : العمل في الخفاء فإن الحق أبلج ، يقول عمر بن عبدالعزيز رحمه الله : إذا رأيت الناس في أمر دنيوي دون العامة في خفاء فأعلم أنهم في ضلال ، سابعاً : تعظيم شأن العقل ، ويعني أن يقول هذا غير معقول ، وهذا لا يصدقه العقل ، ومن قال لك أصلاً أن العقل حكم على النقل فالله تعالى قال : { وإن من شيء لا يسبح بحمده } ولا يأتي أحد ويقول والله ان هذا الحديث غير معقول ، أو غير صحيح لا يصدقه العقل، وان لا تخالف الجماعة ، وقد ألف شيخ الاسلام ابن تيمه كتاباً ضخما " درء تعارض العقل والنقل " اثبت فيه أنه لا منافاة بين العقل الصحيح والنقل الصريح إلا عند أصحاب الأهواء الذين إن حصل شيء من هذا فهو نقص في عقولهم وأفهامهم ، ونقص في النقل لا نقص في النص. وذكر فضيلته الأسباب التي تؤدي إلى الانحراف وهي : قلة العلم الشرعي ، والانفتاح الإعلامي الواسع وخاصة استخدام شبكة الانترنت وهي من أكثر الأسباب التي تسببت في إنحراف شبابنا ، وإتباع الأهواء والميول إلى الشذوذ والمذاهب الضالة ، والإعجاب بالكفار بالعيش بينهم أو تمجيدهم ، والفهم غير الصحيح للنصوص ، وتلقي الشبهات ، وسماع كلام المنافقين . وأبان فضيلته أن المسؤول عن التحصين الفكري هم ثلاثة جهات هي : الإعلام ، والعمل الدعوي ، والتعليم ، فإذا تآزرت هذه الجهات الثلاث وكانت على يد رجل واحد سنصل إلى بإذن الله إلى الغاية ، وأختتم محاضرته بالدعاء إلى الله تعالى أن يحمي ابنائنا من الفتنة وشرها . وفي نهاية المحاضرة كرمت اللجنة المنظمة لمعرض وسائل الدعوة إلى الله (كن داعياً) فضيلة الشيخ الدكتور عويض العطوي بتقديم درع المعرض تكريماً على مشاكته بمحاضرته ضمن البرنامج الدعوي الرئيس المصاحب للمعرض .