يزور خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز البرلمان المصري، اليوم في رابع يوم لزيارته التاريخية إلى جمهورية مصر العربية حاليًا، مجلس النواب المصري، وسط ترقب من أعضاء المجلس، الذين رحبوا بخادم الحرمين، ووصفوا زيارته إلى المجلس بأنها حدث تاريخي لم يسبق من قبل. وأعلن المجلس في بيان رسمي أن الملك سلمان بن عبد العزيز، سيلقي كلمة أمام الأعضاء، موجهًا حديثه ل90 مليون مصري، في جلسة خاصة الساعة الثانية عشرة ظهرًا. وبدأ مجلس النواب استعداداته للزيارة المرتقبة والتاريخية، وأعد التحضيرات اللازمة لاستقبال الوفد المرافق للملك السعودي من الأمراء والمسؤولين والإعلاميين. وشهد محيط مبنى البرلمان رفع أعلام مصر والسعودية وتكثيف الحضور الأمني، وأكد مجلس النواب أن الزيارة تأتي في وقت مهم للغاية للدلالة على العلاقة الإستراتيجية والترابط بين السعودية ومصر، وتبعث برسالة لكل من يحاول تعكير صفو العلاقة بين الأشقاء. وقال نواب الشعب المصري إنهم يتطلعون لزيارة خادم الحرمين الشريفين برفقة أكثر من 80 شخصية عامة وإعلامية. وتبدأ الجلسة الاستثنائية التي دعا إليها رئيس مجلس الشعب الدكتور علي عبدالعال بكلمة من رئيس المجلس ترحيبًا بخادم الحرمين الشريفين، يليها خطاب الملك سلمان، الذي يعد سابقة لم تحدث من قبل. وسيكون في استقباله لدى وصوله إلى المجلس وفد برلماني برئاسة رئيس المجلس وعضوية وكيلي المجلس محمود الشريف وسليمان وهدان وأمين عام المجلس المستشار أحمد سيد وعدد من رؤساء الهيئات البرلمانية للأحزاب المصرية. ومن المقرر عقب الاستقبال أن تتم استضافة الملك في القاعة المخصصة لرئيس الجمهورية، وعقب ذلك يتوجه خادم الحرمين الشريفين للقاعة الرئيسة لإلقاء خطابه التاريخي. ترحيب الرئيس وأكد رئيس المجلس والوكيل الأول ورؤساء اللجان أهمية الزيارة، ووصفوها بأنها "غير عادية" وسيكتبها التاريخ. ولفت رئيس المجلس الدكتور علي عبدالعال إلى أن زيارة خادم الحرمين للبرلمان المصري محل تقدير المصريين، وتدل على قوة العلاقة بين مجلس الشورى في المملكة و"مجلس النواب" في مصر. ومن جانب آخر، يرى وكيل مجلس النواب محمود الشريف أن زيارة الملك للمجلس تحمل الكثير من الرسائل، مؤكدًا أن المصريين يكنون الاحترام والتقدير لخادم الحرمين. وقال: "مباني البرلمان جرى تزيينها لاستقبال هذا الحدث التاريخي الأول من نوعه". وقال رئيس لجنة العلاقات العربية سعداوي راغب ضيف الله إنها زيارة تاريخية للمجلس لم تحدث من قبل، مضيفًا "نحن كنواب للشعب في غاية الفرح بسبب هذه الزيارة التاريخية". واعتبر رئيس اللجنة الدينية في المجلس الدكتور أسامة العبد وجود الملك سلمان بين نواب الشعب يحمل رسالة بأنه موجود بين 90 مليون مواطن مصري. وأشاد المهندس أمين مسعود عضو مجلس النواب المصري المستقل، بالزيارة التاريخية التي يقوم بها حاليًا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر. وقال مسعود، في بيان له اليوم: "إنني كنائب بالبرلمان المصري وكل زملائي النواب بجميع اتجاهاتهم وانتماءاتهم السياسية والحزبية، سنكون في قمة السعادة ونحن نستمع غدًا للخطاب التاريخي وغير المسبوق الذي يلقيه جلالة الملك أمام البرلمان المصري في سابقة لم تشهدها الحياة النيابية المصرية. الأصعدة كافة وأكد النائب عبدالحميد كمال أهمية الزيارة على الأصعدة كافة، مبينًا أنها تأتي في إطار الرغبة المشتركة من البلدين، في رفع مستوى العلاقات بينهما إلى آفاق أرحب، لمواجهة تحديات الوطن العربي. وقال النائب علي عبدالونيس إن الزيارة تعبر عن مدى العلاقات الوطيدة بين البلدين، مضيفًا أن وجود خادم الحرمين الشريفين في المجلس يعد حدثًا تاريخيًا، وهو أول زعيم عربي يلقي كلمة في المجلس. وشدد النائب خالد مجاهد على أن الزيارة سيكون لها مردود قوي في العالم العربي ومنطقة الشرق الأوسط، لأنها تأتي في توقيت مهم للغاية لإرساء دعائم الاستقرار في المنطقة. الخطة العامة ومجلس النواب هو السلطة التشريعية بجمهورية مصر العربية، ويتولى اختصاصات مختلفة، حيث يتولى المجلس سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية. وبحسب المادة 102 يُشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمائة وخمسين عضوًا، ينتخبون بالاقتراع السري المباشر على أن يراعى في شروط الترشيح ونظام الانتخاب، وتقسيم الدوائر الانتخابية التمثيل العادل للسكان، والمحافظات، والتمثيل المتكافئ للناخبين،كما أجازت المادة ذاتها الأخذ بالنظام الانتخابي الفردي أو القائمة أو الجمع بأي نسبة بينهما. كذلك أجازت المادة لرئيس الجمهورية تعيين عددٍ من الأعضاء لا يزيد على 5 %، على أن يحدد القانون كيفية ترشيحهم وبموجب المادة 106 من الدستور، فإن مدة عضوية مجلس النواب خمس سنوات ميلادية، تبدأ من تاريخ أول اجتماع له. وبحسب المادة 107 انعقد الاختصاص بالفصل في صحة عضوية أعضاء المجلس لمحكمة النقض، وتقدم إليها الطعون خلال مدة لا تتجاوز ثلاثين يومًا من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخابات، وتفصل في الطعن خلال ستين يومًا من تاريخ وروده إليها، وتعد العضوية باطلة – متى قضت المحكمة بذلك – من تاريخ إبلاغ المجلس بالحكم. ولا يجوز إسقاط عضوية أحد الأعضاء إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية التي انتخب على أساسها، أو أخل بواجباتها ، ويكون قرار إسقاط العضوية بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس النواب "مادة 110" ولا يجوز، في غير حالة التلبس بالجريمة، اتخاذ أي إجراء جنائي ضد العضو في مواد الجنايات والجنح إلا بإذن سابق من المجلس وفي غير دور الانعقاد يتعين أخذ إذن مكتب المجلس، ويخطر المجلس عند أول انعقاد بما اتخذ من إجراء. الحكم العثماني ولم تعرف مصر مجالس تنوب عن الشعب وتشارك الحاكم في حكم البلاد طوال تاريخ مصر الإسلامي وأثناء الحكم العثماني المباشر الذي استمر نحو أربعة قرون، ولكن الأمور تغيرت بعد قدوم الحملة الفرنسية والصدمة الحضارية التي أصابت المصريين وجعلتهم ينظرون إلي الغرب للمحاكاة. فكانت أول إرهاصة لقيام حياة نيابية في مصر عام 1829م في عهد محمد علي باشا، باني مصر الحديثة، عندما أنشأ مجلسًا للمشورة يتكون من كبار التجار والأعيان والعمد والمشايخ والعلماء، وكانت وظيفته الأساسية إبداء الرأي في المسائل الإدارية العامة دون أن يلتزم محمد علي باشا بتنفيذها، فكان رأي المجلس استشاريًا. وعلى الرغم من وظيفة المجلس الاستشارية، فإن محمد علي يرجع إليه الفضل في ابتداع هذا المجلس والذي بدأ يتطور في وظائفه وصلاحياته حتى أصبح يضاهي المجالس النيابية في أوروبا، ولكن بعد انقضاء حكم محمد علي بوفاته، تعطل هذا المجلس، لأن عباس وسعيد لم يكونا متحمسين له كما كان محمد علي، وجاء عهد الخديوي إسماعيل، وحقق فيه البرلمان المصري طفرة كبيرة بقيام مجلس شورى النواب في ديسمبر من عام 1866م، ويتكون من 75 نائبًا ينتخبهم الشعب من طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية كل ثلاث سنوات، وتشير الكثير من الدراسات التاريخية إلى أن إسماعيل كانت لديه رغبة حقيقية في إشراك الشعب ممثلاً في طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية في إبداء الآراء في المسائل التي تتعلق بتسيير شؤون الحكومة المصرية. الصحافة المصرية وكان رأي هذا المجلس استشاريًا أيضًا وليس إلزاميًا، ولكن هذا المجلس واكب ظهور الرأي العام المصري الذي تشكل مع ظهور الصحافة المصرية والحركة التحررية ضد التدخل الأجنبي الذي كان في ازدياد في نهاية حكم الخديوي إسماعيل. ولعب مجلس شورى النواب دورًا مناهضًا للتدخل الأجنبي في شؤون البلاد أثناء أزمة الديون الخارجية، وأصر المجلس على أحقيته في مناقشة ميزانية الحكومة التي كان يتولاها في ذلك الوقت وزير مالية إنجليزي، وهو الذي جاء ليتولى وزارة مالية مصر نتيجة الضغط علي الخديوي من قِبل الباب العالي والدائنين الأجانب. وبعد خلع الخديوي إسماعيل ونفيه من مصر عام 1879م، تولى ابنه توفيق الخديوية، واستمر مجلس النواب في عهده يحاول أن ينتزع لنفسه حقوقًا تشريعية تجعله طرفًا في الموافقة علي أي قوانين أو تشريعات جديدة، وهي الحقوق التي حصل عليها بالفعل مناصفة مع الخديوي، بالإضافة إلى حق إقرار الضرائب والمسائل المالية بعد مناقشتها والتصويت عليها، فكان ذلك يبشر بقيام حياة نيابية نشطة في مصر، ومن ثم قيام نظام ديموقراطي يكون الأول من نوعه في المنطقة. ولكن القوى الأوروبية التي كانت تريد السيطرة علي مصر للسيطرة على قناة السويس، أدركت أن الوقت لا يسير في صالحها، وإنما في صالح القوى الشعبية الممثلة في مجلس النواب الذي دخل في مواجهة سافرة مع رموز التدخل الأجنبي في مصر، لذلك جاء عام 1882م وجاء معه الاحتلال البريطاني الذي قضي على هذا الحلم الوليد وقضي على أمل مصر في أن تصبح من طليعة الدول التي تقيم نظامًا ديمقراطيًا راسخًا، وإذا قدر لمجلس النواب أن يستمر لتغير التاريخ السياسي لمصر حتى وقتنا هذا. لورد دفرين وضع لورد دفرين عام 1883 م القانون الأساس لتنظيم الشؤون الداخلية لمصر تحت سلطة الاحتلال البريطانية، ونص القانون علي إقامة مجلسين استشاريين لا تشريعيين، هما مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية للتداول في الشؤون الداخلية لمصر، وكان هذا المجلس بمثابة انتكاسة لتطور الحياة النيابية في مصر عاد بها 20 سنة إلى الوراء. كان رأي مجلس شورى القوانين استشاريًا، وكان يتكون معظمه من كبار ملاك الأراضي الزراعية الذين تلاقت مصالحهم بشكل ما مع مصالح السلطة البريطانية والتي كانت تكافئهم بالقيام بمشروعات زراعية مستمرة، ولكن هذا لم يمنع حمى الوطنية من أن تسري في نواب المجلس مع مرور الوقت وضغط الرأي العام المضاد للاحتلال البريطاني، وبلغت معارضة المجلس للحكومة ذروتها عام 1909م ، أي بعد 27 سنة من الاحتلال، في تصدي المجلس لمشروع الحكومة برئاسة بطرس غالي باشا لمد امتياز قناة السويس 40 سنة أخرى مقابل الحصول على أربعة ملايين جنيه ونسبة من أرباح شركة قناة السويس، وكان الحزب الوطني بزعامة محمد فريد يتزعم جبهة الرفض للمشروع، ونشر في جريدة اللواء الحزبية خبر اعتزام الحكومة القيام بمد الامتياز، ما أهاج الرأي العام المصري ضد الحكومة، وكان هذا هو أحد أسباب اغتيال بطرس غالي باشا على يد شاب وطني. وانتهي أمر المشروع بالتصويت عليه في مجلس شورى القوانين ورفضه من غالبية نواب المجلس ما عدا أعضاء الحكومة والنائب مرقص سميكة، فكان هذا يعد نصرًا مؤزرًا للمجلس الذي فرض إرادته على إرادة الحكومة. ثم جاء دستور 1923م الذي تمخض عنه أول مجلس نيابي حقيقي له سلطة مساءلة الحكومة و سحب الثقة منها ، ولا تستطيع الحكومة أو الملك سن أي قوانين أو تشريعات جديدة قبل عرضها على المجلس والتصويت عليها إما بالرفض أو القبول. ولكن هذا المجلس أيضًا لم يكن مثاليًا، فقد حدد من سلطاته حق الملك في إقالة الحكومة وحل المجلس في أي وقت ، وهو ما حدث في معظم الأحيان، حتى أضحت الحكومة في عصر الملك فاروق أداة طيعة في يد الملك حتى تضمن عدم إقالتها، كما أن الصراع الحزبي بين حزب الأغلبية وأحزاب الأقلية قد بلغ درجة عالية في المجلس ضاعت معه أصوات المنادين بمصلحة الوطن فوق مصالح الأحزاب والأشخاص. ظل دستور 1923م هو الدستور السائد في البلاد حتى قامت الثورة في يوليو 1952م ، وقيام الثورة انقضت فترة خصبة من الليبرالية المصرية بما لها و ما عليها، وبدأت فترة جديدة مختلفة عنها في نواحٍ عديدة ، وفقاً للزميلة صحيفة " سبق " .