رياضتنا بين جيلين من يتابع الرياضة خارج حدود الوطن -وتحديداً في أوروبا من خلال الإعلام أو من خلال مجالس المهووسين بالأندية الأوروبية- يلاحظ الفرق الشاسع حتى في أسلوب الحديث، فهم مختلفون حتى ونحن نتحدث عنهم، وتجد من ابتُلي -إن صح التعبير- بمتابعة الدوريات العربية يندبُ حظه، فلم يكن هواه ورغبته موفقة، ولعل الجيل السابق ممن ارتبطت متابعتهم بطبيعة الفترة الزمنية التي كانت منغلقة إعلامياً عمّا يحدث في الخارج هم المعنيون بهذا الحديث، فلم تكن تلك اللقطات البسيطة التي كانت تحضرها النشرات الإخبارية في ذلك الوقت كافية حتى يتغير هواه ويتابع كرة القدم في أوروبا كما هو حاصل الآن مع جيل التقنية والإعلام المفتوح. وعلى الرغم من الانفتاح وتوافر المعلومات وإمكانية الاستفادة مما يحدث في أوروبا إلا أني لا أجد حراكاً على المستوى الرياضي بالشكل المطلوب، في ظل بقاء الأفكار القديمة المتمثلة فيمن خدموا منذ تلك الحقبة الزمنية حتى يومنا هذا، فمشكلتنا... أو عفواً مشكلة هذا الجيل المثقف والمتخصص، وكما ينظرون بمنظورهم أنهم (مظلومون) ممن سبقوهم وممن يملكون قرار التغيير، وهم ينتظرون الفرصة ويتحرونها بفارغ الصبر، هكذا أجدهم عندما يدور النقاش مع القلة القليلة منهم ممن حباهم الله ببعض الجوانب الإبداعية كالفكر المميز والجرأة والقيادة وغيرهم كثيرون، ومع الأسف تجدهم في أماكن لا تضيف لهم أي جديد إلا مزيداً من الحسرة عندما يشعرون بقدرتهم على تقديم أفكار جديدة مرتبطة بروح العمل ومبنية على أسس واضحة هدفها في النهاية المصلحة العامة لرياضة الوطن. ولعل ما كان يطرح في السابق إلى فترة قريبة كان امتداداً لفكر قديم كانت نتائجه واضحة من الإخفاقات والنكسات التي أصبحت مصاحبة للرياضة السعودية في السنوات العشر الأخيرة؛ لأن كل من حولنا أيقنوا أن الرياضة بمفهومها العام أصبحت صناعة مرتبطة بشكل مباشر بالجانب الاقتصادي والاستثماري، وهي مصدر من مصادر الدخل المهمة في كثير من الدول، بهذا المفهوم هم بحثوا عن التطوير وتعزيز هذه الفكرة بإضافة ما يجعلها أكثر رواجاً وفائدة، بينما نحن هنا في السعودية لم يكن يعني لنا هذا الأمر شيئاً حتى صُدمنا بواقعنا السيئ، إلى أن قادت هذه النتائج المعنيين من أصحاب السيادة في جهات تنظيمية وتشريعية وتنفيذية في المملكة العربية السعودية بالاهتمام والبحث عن حلول سريعة ومناقشة المسؤولين عن الرياضة في بعض الإخفاقات وأسبابها واقتراح الحلول المناسبة حتى تجتاز الرياضة السعودية هذا النفق المظلم، ولعل هذا التوجه يصحح المفهوم السابق عن الرياضة ومدى أهميتها لشباب الوطن. يعتبر الحراك الدائر مؤخراً والأحاديث المتبادلة بين مجلس الشورى والرئاسة العامة لرعاية الشباب خطوة جيدة ومهمة في طريق عودة الرياضة السعودية إلى الواجهة، وتحقيق إنجازات أكثر تفوق ما كانت عليه في السابق، وتتناسب مع ما تملكه السعودية من إمكانيات مادية وبشرية. البداية الحقيقية -من وجهة نظري- تمثلت في الاجتماع الذي دار بين الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب مع رئيس وأعضاء لجنة الشؤون الاجتماعية والأسرة والشباب بمجلس الشورى، وهذه الخطوة تفتح باب التفاؤل وتوحي بأن هناك من أيقن بأن الرياضة لم تعد هواية أو أمراً محبباً للنفس وتساعد على قضاء وقت الفراغ. خطوة كهذه ينقصها البحث عن الكوادر المتخصصة والمتحمسة، ولستُ هنا أرمي باللوم على من عملوا في السابق أو أبحث عن إقصاهم نهائياً عن المشهد الرياضي - لا - فربما نستفيد منهم كخبراء بعيدين عن القرار كجهة استشارية يُعتمد على بعضهم، فهذا هو التوجه الأنسب لهم. البحث عن المتخصصين في الإدارة الرياضية والاستثمارية من خريجي الجامعات السعودية من المتميزين أمر في غاية السهولة، فلو فعّلت رعاية الشباب جانب التعاون مع الجامعات السعودية أو مع الجامعات الخارجية التي تضم مبتعثين سعوديين بالشكل المطلوب والمثمر، كأن تقوم باستقطاب بعض المتميزين أكاديمياً وفكرياً من خلال سيرتهم ومنحهم الفرصة بشكل تدريجي، مع تنمية قدراتهم من خلال إرسالهم لبعض الدول المتقدمة رياضياً، وجعلهم يتابعون أسلوب العمل الرياضي هناك وطريقة معالجة بعض الإشكاليات التي قد تصاحب العمل الرياضي على المستوى التنظيمي أو الاستثماري، أو تبني بعض المشاريع التي تهدف إلى استقطاب بعض الشباب الموهوبين والمهتمين بالتطوير الرياضي داخل الجامعات بمتابعة مباشرة من رعاية الشباب، وتكون رعاية الشباب هي المسؤولة عن كل ما يتعلق بهذا المشروع، لو فعلنا هذا لأصبح لدينا عمل جيد يحقق نتائج جيدة في فترة زمنية قياسية. منظومة العمل الرياضي تحتاج إلى فكر تنظيمي وتطويري وخطط مدروسة، وإقامة ورش عمل تناقش كافة الجوانب المتعلقة بتطوير الرياضة دون النظر إلى النتائج الوقتية مهما بلغت قسوتها على كافة الأصعدة الرياضية، وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب من خلال تقويم مسيرة كل مَن ينتمي لمنظومة العمل الرياضي من اللجنة الأولمبية إلى عمل الاتحادات ووسائل الإعلام، الجميع يجب أن يخضعوا للمتابعة والمحاسبة وفق ما يقدم من عمل خلال فترة العمل المنصوص عليها، فالكوادر الناجحة يجب أن تكون الاستفادة منهم إما بالتمديد لهم أو بنقلهم إلى مكان آخر إما بالترشيح أو بالتكليف حتى تتحقق الفائدة المرجوة. سلطان الزايدي [email protected] - - - - - - - - - - - - - - - - -