قال التاجر حسن :"إنها جوهرة أضعناها ، وإن طبقناها فلم نطبقها بحقيق معناها ، ياللأسف بعدأن كانت هي الحبيبة ، أصبحت بيننا كالغريبة ، وياللمصيبة من قاموسنا ألغيناها ، حتى خلت إننا نسيناها ، لقد ضيقوا عليها من جميع الزوايا ، حتى لم نعد نسمع عنها إلا في الروايات والحكايا ، حاكوا المؤامرات ضدها ، وشعارهم إلعنوا أباها وجدها ، يريدونها فقط فعل ماض ، وإن حصل لهم جعلوها من وحشي الألفاظ ، لايريدون لها أن تعيش المضارع ، ومن يذكرها يهيجون عليه كالمصارع ، تبا ثم تبا لهؤلاء ،تبا لهم عدد ماحوت الأرض والسماء " انتهى كلامه . وأنا ومن هذا المنبر أقول رحمك الله أيها التاجر حسن ، لقد شخصت لنا الداء ، وتركت لنا البحث عن الدواء ، تحدثت عن أبناء جلدتك في المهنة ،وإن خالفوك في الشعار فشعارك " اللهم بارك لي ، اللهم ارزقني وارزق مني " ، وشعارهم " اللهم ضاعف لي ، اللهم ارزقني ولا ترزق مني " ، أما نحن رعانا الله وهدانا إلى رشده فشعاراتنا شجب واستنكار ، ثم عودة حميدة إلى هؤلاء التجار ، نصيح ونولول من غلاء الأسعار ، وأفعالنا تجاه ذلك في خانة الأصفار ، لا أريد أن أتشعب في الموضوع فكلامي هنا لتجارنا فأقول لهم : ياإخوتي ابحثوا عن البركة فوالله ماكانت في شيء إلا زاد وما نقص ،روى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث حكيم بن حزام، قال: ((سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَعْطَانِي، ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي،ثُمَّ سَأَلْتُهُ فَأَعْطَانِي،ثُمَّ قَالَ: يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ لَمْ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، كَالَّذِي يَأْكُلُ وَلاَ يَشْبَعُ)) . وروى البخاري ومسلم في صحيحهما من حديث حكيم بن حزام أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا،وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)). قوله -صلى الله عليه وسلم- ((فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا)) أي بيَّن كل واحد لصاحبه ما يحتاج إلى بيانه من عيب ونحوه في السلعة والثمن وصدق في ذلك. ومعنى قوله ((بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا)) أي كثر نفع المبيع والثمن، ومعنى قوله ((مُحِقَت بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا)) أي ذهبت بركته وهي زيادته ونماؤه. وبعد هذا أما آن الأوان لأن تقتنعوا بالربح القليل المبارك . أتمنى أن أجد أذنا صاغية ، وعقولا واعية .