رأى رسول الله صلى الله عيه وسلم في المنام امرأة سوداء حاسرة الرأس تهرب من المدينة إلى منطقة نائية بعيدة ، وفسر هذه الرؤيا بأن تلك المرأة : هي (وباء) و حمى المدينة نقلت - ببركة دعاء رسول الله - إلى منطقة بعيدة عن المدينة النبوية. فالصورة القبيحة لتلك المرأة كانت انعكاساً لصورة الوباء الحقيقية فبربك كيف هي الصورة الحقيقية ( للفتنة ) حينما تطل برأسها بين الناس ؟ ؟ إن الفتنة عميقة الجذور ، عتيقة القِدَم ، كثيرة الضحايا ، معظم ضحاياها من الذين لا يعقلون ولا يعتبرون ، الذين يرون الثقة في أنفسهم ، وهم أول القرابين . بدأت ( الفتنة ) أنوثتها يوم أن هاجمت أبانا آدم عليه السلام فأخرجته من الجنة ، ولحقت بابنيه هابيل وقابيل فلم تهنأ حتى شربت من دم أحدهما ، وعاثت في الأرض فساداً تفري العقول فرياً حتى سلطت سفهاء القوم فتطاولوا على كتب الله المنزلة في كل أمة فحرفوها وأفسدوها . وقتلوا الأنبياء والعلماء وأزهقوا الصالحين. و بمقدم نور الهدى محمد صلى الله عليه وسلم خنست الفتنة و حنت رأسها للتراب لكن بسطاء القوم لم يتركوها بل راحوا يفكون قيدها ويدعونها لتنطلق من جديد ..فيالله العجب ..ألم يشتموا رائحتها ... ألم ينظروا صورتها وتجاعيد وجهها .. ألم يروا العجوز الشمطاء على حقيقتها : حدباء الظهر ، شعثاء الشعر ، نتنة الرائحة ، قذرة المنظر ، قد علق القذر في ثيابها ، والوسخ في قدميها ، وبصمات الدماء المتخثرة في يديها .. أزالوا قيودها.. ساعدوها على الوقوف ..يا ويلتاه ...ليتهم تركوها لوحدها بل ساروا معها ...يأتمرون بأمرها .. وينتهون بنهيها ...يالها من عجوز ماكرة ..كيف سيطرت عليهم بهذه السهولة .. يا الله ... إنهم أدوات الدمار في يد الشمطاء العجوز .. سجلها حافل بالضحايا في كل عصر ...فتنت الرماة في جبل أحد ، وسفكت الدماء في حروب الفتنة ، وأشعلت فتائل النيران في صفحات تاريخنا الإسلامي المجيد ، لتقوم معارك الأطماع ، وتناحر الإخوة ، وإسقاط الممالك الإسلامية التي شيدها الشرفاء والكبراء من الفاتحين المسلمين . واليوم في الدول العربية وبلاد الخليج ....لا .. بل في بلاد الحرمين الشريفين ... ومهبط الوحيين ، ومركز التوحيد ، وقبلة المسلمين ، في هذا البلد الأمين : ارتفعت أصوات تدعو العجوز الحدباء ..وقد زاد عفنها ، وعلاها الهسك في جنبات وجهها .. هتماء يتطاير التفل من فمها عند تتحدث ... ينادونها ليحتضنها البسطاء .. فلا أدري بالله كيف اعتمت عيونهم عن حالها ، وكيف انزكمت أنوفهم عن فوح نتنها ... كيف احتملوا القرب منها ، فضلاً أن يقبِّلوا جبينها .... ولكنها الفتنة ؟! لطالما حذر منها الوحي الكريم وخوفنا منها الصادق المصدوق صلوات ربي وسلامه عليه ولكن ما أشبه اليوم بالبارحة ، بسطاء القوم يدعون بعضهم ليصطفوا حولها ، ويكثروا سوادها ، ولك أن تتعجب في كيف يتداعون إلى مسيرة بشرية خلف الفتنة العجوز صاحبة الفضائح الدموية الأزلية ... ألا يعتبرون بالتاريخ ألا يستجيبون لنداء الوحي العظيم بالكف عن هذا كله قبل أن يحملوا وزر هذا العمل المقيت و وزر كل من عمل به و دعا إليه أو تستر عليه . يا أهل العقول والفهم ... يا أهل البصيرة ... يا أهل الوحي والسنة .. أين كلمتكم في كشف حقيقة الفتنة قبل أن تلتهم شباباً في عمر الزهور ، إنها تحفر لهم قبوراً على أنها أبراج عاجية تزينها لهم بالأوهام والأحلام . إن ولاة أمرنا أيدهم الله دعونا مرات عديدة فيما مضى لنكون يداً بيدٍ لمكافحة الإرهاب ، وكانت النتيجة عظيمة ، و النجاح باهر وكفى الله البلاد شرهم ، وكفى الله المؤمنين ويلات البلاء . واليوم يجب أن نكون يداً بيدٍ ، وكتفاً بكتفٍ ، وقدماً بقدم مع ولاة أمرنا وعلمائنا وجنودنا وجميع شعبنا الكريم لنقف في وجه هذه الفتنة النكدة العجوز الآثمة ولنوقظ أولئك البسطاء الذين خضعوا لها وصاروا يتكلمون باسمها : إنهم أصحاب فتنة ... وضحايا في طريق العجوز . انصحوا من حولكم بالكلمة الصادقة ، وبالمعاني القلبية الحانية ، المستنيرة من هدي الله ونور سنته ليحذروا تلك الدعوات المشوهة المغلفة بأوراق براقة تحمل في داخلها سر الفناء . كتبها من قلبه قبل قلمه : أ . بجامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية سعود المطلق العبدالله