حينما تقف الأقلام أمام قَدَرٍ من أقدار الله , قد تعجز كثيراً في استنزاف الحروف والكلمات , كل ذلك من أجل إخراج ما بالقلب ولعل صعوبة تلك المواقف هي ما تكمن في التحكم بالمشاعر والقلوب. حيث كان آخرها صديق الطفولة وآخي الذي لم تلده أمي . عليه رحمة الله , هاتفته بالمساء ولضروفه لم استطع أن أراه عن قرب , وكان أخر حديثه : \" بتصل فيك بعدين \" أصبحت باكراً وكنت شديد الفرح بعدما قررت بناء حياةً جديده والانتقال إلى \"عُش الزوجيه\" وكان تفكيري أن ابعث البُشرى ل صديقي العزيز , لم تكتمل تلك الأفراح طويلاً بل كانت لدقائق حتى هاتفني أحد الأخوه , وليته لم ينطق.!! \"صديقك مات .. صديقك مات \" كنت اعتقد بان ذلك بمثابة حلم وكابوس مزعج .. كيف ومتى .؟ قال: لا أعلم أكثر من ذلك ..!! لم اقتنع بما يقول فهو كثير المزح , هاتفتُ أحد الأقرباء وأكد لي صحة تلك الفاجعه \" رحمة الله وتجاوز عنه \" جلست مصدوماً لدقائق , حتى راودتني نفسي بالاتصال على صديقي لعل من مجيب ..!! حينئذٍ ترددت الأصوات في مسامعي «وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ» عليه رحمة الله , كان صديقاً عزيزاً وأحمد الله أنه في أحدِ ليالِ رمضان اصطحب والده الكبير في السن لأداء فريضة العمرة. والذي أسأل الله أن تكون شفيعةً له في دخول الجنه . دخلت دوامة الصدمة من هول الموقف , وأصبحت أحدث نفسي ألن يتصل مرة أخرى ..!! ألن أستطيع أخباره بأنني على مشارف الزواج ..!! أسئلة حاصرتني حيال تلك الصدمة القاسيه . ففي الحقيقة كنت في أكثر من موقف أحاول الظفر بالصبر عند الصدمة الأولى , وقد نجحت مرةً , وتعثرت مرارا . لقوله صلى الله عليه وسلم : \"إنما الصبر عند الصدمة الأولى\" . لما يترتب على ذلك من الأجر العظيم فمهما بلغت بنا المصائب فالواجب علينا شكر الله وثنائه , فهناك الكثير من الناس مصائبهم أعظم بكثير مما نحن فيه ولعل هناك بعض الحالات التي تمر عند المصائب \" من الجزع والسخط والشكر والصبر \" وهي في الحقيقة ردة فعل طبيعيه , فبحسب إيمانك ومدى قوته إلى أي صنف ستذهب .؟ فهنيئاً لمن فاز وظفر بالصبر على أقدار الله , فوالله إنها لنعم أنواع الصبر وأفضلها . ولعل هناك بعض القواعد أنصح بها عند حلول المصائب : ● أن تعلم بأن كل شي في الكون إنما هو بقضاء الله وقدره. ● التمعن كثيراً في الآية «فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً». ● تذكر ممن هم حولك ومدى رضاهم بمصائب كبرى. ● ألزم الاستغفار , فإنه «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجًا , ومن كل ضيق مخرجًا , ورزقه من حيث لا يحتسب». ● اعلم أن ما أصابك إنما هو ابتلاء واختبار , فقد قال سبحانه : «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً». ● عليك بقول: \"إنا لله وإنا إليه راجعون\" فقد قال سبحانه: «وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ». فالبعض قد يتسخط ويعيش لعدة أيام وهو في حالة بكاءً متواصل , ولا يزال مضطرب في النوم وعدم الرغبة في الأكل , وربما يمر بمشاكل نفسيه وأحلاماً وكوابيس قد تتعلق بما حصل له من مصائب . ولكن سرعان ما تعود الحياة لماضيها , وهذه الحكمة الإلهية حينما أنعم الله على الإنسان بنعمة النسيان لما ينعكس ذلك عليه بشكل إيجابي . فسبحان الله تأتي أجيال وتنقضي أجيال , والرابح من قَدَمَ نفسهُ قبل أن يُقَدم .