قال الضَمِير المُتَكَلِّم : للفتاوى الشاذة معايير تُعْرَف بها ؛ حَصرها الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي في كتابه الصادر مؤخراً ( الفتاوى الشاذة ) ، وهي : أن تصدر من غير أهلها ، أو في غير محلها ، وأن تعارض نصا قرآنياً ، أو حديثاً نبوياً متفقاً على صحته ، أو إجماعاً متيقناً ، أو قياساً جلياً ، أو تقوم على قياسٍ خاطئ ، وأن تصادم مقاصد الشريعة ، وأن تصور الواقع على غير حقيقته، وأن تستدل الفتوى بما لا يصلح دليلا ، وألا تراعي الفتوى تَغَير الزمان والمكان والحال. والفتاوى الغريبة ليست وليدة عصر اليوم بل هي قديمة قِدم التراث الفقهي الإسلامي ؛ ولكنها كانت قليلة أو نادرة ، ومن يقل بها يظلّ مؤمناً بها أو يتراجع عنها بالكلية إذا ظهرت وترجحت لديه أدلة أخرى . أما في واقعنا المعاصر فالفتاوى الشاذة تتصف بأمرين : أنها كثيرة فقد أصبحت تهطل كالمطر ومن جميع الاتجاهات ؛ لجرأة الكثيرين على الفتوى وإن لم يملكوا مؤهلاتها ، ساهم في ذلك انتشار القنوات الفضائية ، وتعلق البعض ببريقها وكاميراتها ، أيضاً أن مَن يقذف بشذوذ الفتوى اليوم تجده مُنْشَكِحَاً أمام الجمهور وفي لحظة تَجَلٍ ، وربما بحثاً عن التواجد الإعلامي ، والشهرة المفقودة يُطلق فتواه الغريبة ، ثم بعد أن تطير بها الركبان ؛ مخالفة واقع الزمان والمكان ، مثيرةً للجَدَل والأتربة والدّخَان ، يظهر وَحِيد زمانه وفريد عصره ؛ ليعلن التزامه بفتواه ، ولكن وفْق ضوابط محددة ، وصُور معينة ؛ فالعيب في سوء فَهْم الإعلام وعامة الناس لكلامه ؛ وهذه الحجة تقتضي أن يُرّفِق أولئك المفتون مع الفتوى ( كتالوج توضيحي ) يُبَين تفاصيل الفتوى وزمَن ومكان وكيفية استخدامها حتى لا يُسَاء فهمها مما قد ينتج عنه ارتباك وعُسْر هَضم ، أو ارتفاع في درجة الحرارة !! حتى ذلك الحين نعود للشيخ القرضاوي الذي يؤكد : أن عامة الناس لا تفرق اليوم بين العلماء ؛ فكثير من الناس يحسب أن الواعظ المؤثر وأن الخطيب البليغ المفوه الذي يهز أعواد المنابر بخطبه صالح لأن يفتي !! فهل نُفَرّق ؟! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .