أشعلت الدولة الفارسيّة نار الفتنة الطائفيّة في المنطقة فانقلب السحر على الساحر حتى حذّر «خامنئي» مؤخراً من «آفة الفرقة الطائفيّة»، ولا رَيْب أن طهران تُعد الراعي الأوّل والرئيس لها في المنطقة. وارتفعت أصوات عدد من قادة إيران مؤخراً، لتدعو «لإشراك الأقليّات الدينيّة والمذهبيّة والسنّة في الحكم قبل فوات الأوان»، فاستقبل «روحاني» في قصر الحكومة بعض الذين تعتبرهم طهران ممثّلي الأديان والشعوب غير الفارسيّة، بينما لم يقع اختيارهم مِنْ قِبَل الشعوب بل مِنْ قِبَل «خامنئي» وأتباعه. ومنذ تسلم «روحاني» الرئاسة، عَيَّنَ وزير الأمن الأسبق «علي يونسي»، مستشاراً لشؤون الأقليّات الدينيّة والشعوب غير الفارسيّة، فدقّ ناقوس الخطر باعترافه ب«ضرورة المشاركة الجماعيّة في الحكم»، ويدرك «يونسي» جيّداً أن مصرع 16 عنصراً من الحرس الثوري وخطف آخرين واغتيال مدّعي عام مدينة «زابل» البلوشيّة على يد «حركة جيش العدل البلوشيّة»، وارتفاع وتيرة عمليات «المقاومة الوطنيّة الأحوازيّة» وتساقط ضبّاط الحرس الثوري في كردستان وخطر انفجار إقليم آذربايجان في وجه طهران، مردّها سنوات القمع والتنكيل والتطهير العرقي الممنهج من قبل الدولة الفارسيّة ضد هذه الشعوب. ولكن مطالب الشعوب لا تقتصر على تعيين ممثلين لهم في خدمة الوحدة الجغرافيّة لما تسمى بإيران، بل إنها تُريد التحرر والاستقلال عن طهران. إن اعتراف الدولة الفارسيّة المتأخر جداً بجزء من الذنب، لن يجدي نفعاً لمعالجة ما أفسدته سياساتها الإجراميّة على مرّ العقود.