أصدرت المحكمة الجزائية في ديوان المظالم، أمس، حكماً على قيادي في أمانة محافظة جدة، ورجل أعمال، بلَّغ عن رشوة قدمها للقيادي، بتعزير كل واحد بالسجن خمس سنوات، وتغريمه نصف مليون ريال، بعد أن شهدت جلسة أمس اكتفاء كل من المتهمين بما قدم خلال الجلسات السابقة، حيث قال القيادي في أمانة جدة إنه يعمل في فحص الملكيات بالأمانة، وقضى في هذا القسم أكثر من 15 عاماً، وأن دوره كان منحصراً في التأكد من صكوك الاستحكام التي تصل إلى الأمانة، نافياً معرفته بالمتهم الثاني الذي يدّعي أنه قدم له رشوة مليون ريال سلمه منها نصف المبلغ. فيما أكد رجل الأعمال أنه يعرف القيادي في الأمانة، ويراجعه في المخططات، وأنه سبق أن قدم شكوى فيه لدى الأمانة في شأن المعاملات التي لم يجد حلاً لها إلا بتقديم رشوة مليون ريال له، وسلمه نصف المبلغ، وبعد انتهاء المعاملة لم يسلمه باقي مبلغ الرشوة، ولم يطالب القيادي بباقي الرشوة. وتعد هذه القضية غريبة، حيث إن المشتكي أصبح ضحية لشكواه، حيث وقع في اعترافه بدفع الرشوة متهماً، واستحق عقوبة السجن والغرامة. وكرر قيادي الأمانة، أمس، أن بلاغ رجل الأعمال كيدي، وأنه لا يعلم شيئاً، ولا تربطه أي معرفة مع المتهم الثاني، فيما قدم المتهم الثاني للمحكمة مستندات تفيد بتقديمه بلاغات شكاوى لدى مسؤولي أمانة محافظة جدة ضد قيادي إدارة فحص الملكيات وملفات صكوك أراضيه لدى الأمانة، إلا أنه لم يجد تجاوباً، ولذلك استجاب لرشوة الموظف، ولكنه عاد وأبلغ عنها لدى الجهات الرقابية بعد أن بدأت تتكشف قضايا الرشاوى بسبب كارثة سيول جدة. وتضمنت لائحة الاتهام اتهام المتهم الأول، كونه موظفاً عاماً، بطلبه رشوة مقدارها مليون ريال، وتسلمه نصف مبلغ الرشوة (500 ألف ريال)، وباتهام المتهم الثاني بتسليمه للأول مبلغ 500 ألف ريال رشوة، واتفاقه لتسليم مليون ريال لموظف عام مقابل عدم تعطيل معاملاته لدى أمانة جدة، وقدمت هيئة الرقابة والتحقيق ضمن مذكرة الاتهام أدلتها التي تضمنت اعترافات المتهم الأول بما جاء في حيثيات الرشوة، والبلاغ الذي تقدم به المتهم الثاني عن الرشوة. وواجهت المحكمة المتهم الأول بإفادة شاهد على تسلمه نصف مبلغ الرشوة 500 ألف ريال، فأجاب بأن الشاهد هو شريك للمتهم الثاني، وأنه شريك بنسبة 5% في مخطط الأراضي محل الاتهام الذي يمتلكه المتهم الثاني، وأنه بذلك هو مستفيد من الشكوى. وأنكر المتهم الثاني تقدمه بدعوى لاسترجاع مبلغ الرشوة، ولكنه يطلب من المحكمة الآن استرجاع المبلغ، وأوضحت المحكمة للمتهم، أنه في القضية المنظورة لديها إنما هو متهم، وليس له المطالبة حتى تصدر الدائرة حكمها في القضية، وذكر المتهم الثاني (تاجر العقارات) أنه قدم للمحكمة مستندات تثبت تقدمه بشكاوى لدى أمانة محافظة جدة ضد قيادي إدارة منح الأراضي، لتعطيله ملفات صكوك الأراضي في أدراج مكتبه، وذكر أنه عندما لم يجد تجاوباً من الأمانة، وتعطلت معاملته، صمت خوفاً من نفوذ الموظف، واستجاب لطلب قيادي الأمانة الذي استغل منصبه في طلب الرشوة، وأنه قرر بعد سبع سنوات التقدم بالإبلاغ عن الرشوة، بعد الإعلان عن محاربة الفساد، عقب كارثة سيول جدة. الجدير بالذكر، أن المحكمة سبق أن أصدرت حكماً بالسجن والغرامة على رجل الأعمال وقيادي الأمانة، إلا أن محكمة الاستئناف أعادت الحكم حتى صدر الحكم الثاني أمس بالسجن لكل منهما خمس سنوات وغرامة نصف مليون على كل متهم.