الدمام – الشرق لماذا تجاهلت «المالية» مطلب «النقل» رفع مخصصات الصيانة استناداً إلى بدائل «البنك الدولي»؟ هيئة الاستثمار أجازت إسناد 20% من قيمة العقود لمقاولي الباطن فتدهورت المعايير. تصميم الطرق يتنافى مع معايير «يسر الاستخدام» فتتسبب في حوادث مميتة. ندرة اللوحات الإرشادية وسوء صياغتها يدفعان السائقين إلى «التخمين» فتزداد الخطورة. هبوط الإسفلت وضعف طبقاته وتآكله وخلخلة التربة وعدم تثبيتها أهم عوامل الحوادث. المجالس البلدية تدق ناقوس الخطر لعدم كفاية ميزانيات الصيانة حماية الطرق الداخلية. تقرير «دافوس» صنّف المملكة في المرتبة 17، من حيث جودة الطرق.. والإمارات الأولى. يتقاسم مستخدمو الطرق، داخل المحافظات والمدن وفيما بينها، مسؤولية الحوادث المرورية مع وزارتي النقل والشؤون البلدية والقروية. ويبدو من الصعب الفصل بين الحوادث المرورية التي تقع بسبب غفلة السائقين أو سوء سلوكياتهم في التعامل مع الطريق، وبين تراجع معايير إنشاء وصيانة ومراقبة الطرق التي تُعد سبباً جوهرياً، فيما يقع من حوادث مرورية قاتلة، خاصة تلك التي ينتج عنها خسائر فادحة في الأرواح. السلامة المرورية وبينما ينعقد مؤتمر السلامة المرورية الثاني في المنطقة الشرقية تحت شعار برّاق هو «السلامة المرورية شراكة وطنية ومسؤولية اجتماعية» قد يكون من المناسب طرح دور تلك المعايير، فيما يحدث من هدر في الموارد المادية والبشرية من خلال الحوادث المرورية، وأهمية رفع مستوى تلك المعايير وتوحيد الجهات المسؤولة عن إنشاء وصيانة الطرق في المملكة، حيث يبدو من الأمور الملحة في الوقت الراهن، توحيدها تحت مظلة وزارة النقل، بما يضمن توحيد المعايير في جميع الطرق الرئيسة والفرعية داخل المدن وفيما بينها. ويمكن القول إن حالات انهيار الطرق أو هبوط طبقات الإسفلت المرصوفة بها، أمر يتم رصده بصفة شبه يومية في مختلف المناطق، داخل وخارج المدن، ما يعني أن أمراً جللاً أصاب خدمات الطرق سواء بعدم تنفيذ المعايير المطلوبة لرصفها وسفلتتها، أو فيما يتعلق بصيانتها. مقاولو الباطن وبينما يرتبط إسناد أعمال الإنشاء والصيانة من قبل شركات المقاولات إلى مقاولي الباطن في النشاطات المختلفة، ومن بينها إنشاء وصيانة الطرق بتدني معايير التنفيذ ، فإن هيئة الاستثمار أجازت للمقاول ذلك الإسناد بما لا يزيد على 20% من قيمة كل عقد، وفقاً للمعايير المعتمدة من قبل الهيئة لقطاع المقاولات. وهو أمر يتطلب المراجعة والتصحيح. صمت «المالية» واعتمد لميزانية مشاريع الطرق الجديدة للعام 1434/1435 التي بلغ إجمالي أطوالها 3716 كيلومتراً ما يقدر بنحو 10 مليارات و 982 مليون ريال، فيما لم تحظ الصيانة للفترة من 1433 وحتى 1436 إلا بمليارين و 603 ملايين ريال، وأنفقت «النقل» على الصيانة الوقائية في عام 1433/1434 وحده ما يقدر بنحو 903 ملايين ريال فيما بلغت قيمة عقود الصيانة العادية خلال العام نفسه أكثر من 73 مليون ريال. يأتي ذلك في الوقت الذي تطالب فيه «النقل» وزارة المالية برفع مخصصات الصيانة للطرق ومنشآتها، ومن ذلك، الدراسة التي تم تكليف البنك الدولي بها لتخصيص جزء من رسوم الوقود للصرف على أعمال الصيانة وتضمنت الدراسة التي أعدَّها البنك الدولي بدائل مختلفة لتغطية الفرق بين المطلوب لصيانة الطرق، وما يعتمد للوزارة ضمن المزانية وما ارتبط بذلك من نتائج ومرئيات، وأرسلت الوزراة خطاباً للمالية في شهر 6 من العام 1431 بكل ذلك، لكنها لم تتلق رأي الوزارة حتى الآن بشأنها. ونتج عن ذلك العمل ببرامج الصيانة التقليدية في إطار المسموح به من الميزانية. الأسباب الحقيقية للحوادث والمتأمل لغالبية الحوادث المرورية التي تقع على الطرق داخل وخارج المحافظات والمدن، يستطيع ببساطة أن يردها إلى معايير متدنية لإنشاء الطرق والجسور وصيانتها. وتنشر وسائل الإعلام بصفة مستمرة، عن حالات عديدة لهبوط في طبقات الإسفلت، وانهيارات في الطرق والجسور، وانزلاق في التربة نتيجة لعدم تثبيتها قبل السفلتة بشكل قياسي. إضافة لما يقع من حوادث مرورية على العقبات المصممة بمعايير لا تؤهلها لمواجهة الضغط المتزايد عليها مع تنامي النشاط السكاني خاصة في المناطق الجنوبية كثيفة السكان، على الرغم من اعتماد «النقل» معايير جديدة لتلك العقبات. وتتكرر بصفة مستمرة، في مواسم الأمطار، حالات انزلاق الطرق، وتساقط الصخور خاصة على الطرق الجبلية المزدوجة، ما يضاعف من المخاطر والخسائر المادية والبشرية. وتقدر خسائر الحوادث المرورية في العقبات وحدها بنحو ستين وفاة و343 إصابة في 147 حادثاً مرورياً وقعت خلال ثلاثين شهراً في عقبات الجنوب السبع وهي عقبات ضلع والصماء والشرفة وتلاع وسنان وردوم وعقبة شعار. معايير السفلتة هشاشة طبقة الإسفلت وسوء تثبيت التربة يعرضان مستخدمي الطرق إلى الخطر بينما تشير الانهيارات التي تحدث في طبقات الإسفلت على طرق رئيسة أو ثانوية، إلى خلل في خلطة الإسفلت التي يجب أن تتبع معايير معينة حددتها الوزارة، أو إلى عوامل طبيعية لا يحسب حسابها عند تصميم وإنشاء الطرق، كعبورها للأودية، ما يؤدي إلى جرفها حين تتعرض للسيول أو للأمطار. ومع زيادة الحمل الناتج عن عبور سيارات النقل الثقيل عليها، ورِقَّة الطبقة الإسفلتية التي يتراوح سمكها في الغالب بين 7 – 10 سم، تنهار الطرق وتقع حوادث مرورية مميتة. وفي حين تشير دراسات هندسية إلى ضرورة سفلتة الطرق (الرئيسة على الأقل) بثلاث طبقات من الإسفلت والمواد المثبتة للتربة، فإن الغالب في إنشاء تلك الطرق أنها لا تحظى إلا بطبقة واحدة من الإسفلت، خاصة على الطرق الثانوية. الوعود .. والتطبيق ! وتقول وزارة النقل إن مواصفات أعمال الصيانة يتم تحديثها بشكل مستمر والاستفادة من نتائج الأبحاث والدراسات التي تمت في هذا المجال، خاصة من خلال التصوير الرقابي المتحرك للطرق لتوفير البيانات الخاصة بعناصر الطرق غير الرصفية كاللوحات الإرشادية والخطوط المرورية والعلامات الكيلومترية للطرق وتقييمها وتحديد العناصر التي تحتاج إلى صيانة عن طريق جمع البيانات وصور لها وتحديث قاعدة البيانات الخاصة بها في الوزارة الأمر الذي تكلف 14.5 مليون ريال في ميزانية عام 1434/1433. لكن الحاصل في حالات كثيرة، أن مستخدمي الطرق يعانون خللاً بيّناً في التصميم، خاصة على صعيد غياب أو ندرة العلامات التحذيرية وبخاصة الضوئية منها، عند مداخل الجسور، وغياب أو ندرة اللوحات الإرشادية التي تدل المستخدمين على الطرق الرئيسة والثانوية، ما يجعلهم في حيرة عند مفترق الطرق، ما يتسبب في وقوع حوادث عديدة. لا تجعلني أخمّن أيضاً، يبدو أن هناك خللاً في صياغة وإعداد اللوحات الإرشادية، خاصة على الطرق السريعة، بحيث يصعب على المستخدم العادي فهمها، وتحتاج إلى تخمين، على الرغم من أن الشعار العالمي السائد في فكر «يسر الاستخدام» ينص على فكرة رائدة تفتقر إليها هذه الطرق يبلورها من خلال عبارة «لا تجلعني أخمّن» .. فمع السرعة التي لا تقل عادة عن 100 كيلومتر على الطرق، لا يستطيع السائق أن يقرر في غضون ثوان معدودة ما إذا كان عليه الاتجاه إلى أي من الطرق التي أمامه، خاصة حين لا يجد من اللوحات الإرشادية ما يكفي، وبالتالي، فإن كان ذكياً أو محظوظاً بما يكفي فسوف تكتب له السلامة، وإلا سيضاف إلى الرقم المتزايد للموتى والمصابين من ضحايا الحوادث في المملكة. وتبدو تلك المشكلة واضحة جلية في كثير من طرق المنطقة الشرقية خاصة طريق الخبر/الأحساء وطريق أبو حدرية، وغيرها. نفقات مهدرة وثمة نفقات تبدو في غير محلها، ومن ذلك إسناد أكثر من 266 مليون ريال لإنشاء طرق ترابية في عدد من المناطق، منها المدينة وجازان وعسير والشرقية وحائل، خاصة لو علمنا أن هذه الطرق هي الأكثر تعرضاً للتآكل بفعل الأمطار والسيول، وتتسبب في حوادث مميتة، حيث تستخدم «النقل» الإسفلت المكشوط لتثبيت التربة، وهي طريقة رخيصة سرعان ما تتسبب في إزاحة التربة مع تعرضها للعوامل الطبيعية القوية التي تعم المناطق خاصة السيول. وربما يفسر ذلك تصنيف تقرير التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) للعام 2013 – 2014، المملكة في المرتبة 17 على مستوى العالم في المؤشر الفرعي الخاص بجودة الطرق، حيث احتلت الإمارات المرتبة الأولى، فيما جاءت عمان في المرتبة الثالثة، حيث نالت 5.8 من 7 درجات مخصصة لهذا المؤشر فيما نالت الإمارات 6.6 درجة. المجالس البلدية تحذِّر ! وإذا كان هذا هو الحاصل على مستوى الطرق العامة بين المدن، فإن الوضع داخلها ليس بأحسن من ذلك. فقد كشفت تقارير صحفية عديدة عن تدني مخصصات الصيانة للطرق داخل المدن، ومن ذلك ما أعلنه المجلس البلدي لمنطقة الرياض مؤخراً عن «وجود عجز في الميزانية المعتمدة المقترحة للسفلتة والأعمال الترابية في مخططات المنح بنسبة تصل إلى 94%»، وما نشرته «الشرق» من انتقادات وجهها مجلس عرعر البلدي في أمانة منطقة الحدود الشمالية في جلسته ال 33 بسبب سوء تنفيذ سفلتة شوارع المدينة وعدم مطابقتها المعايير، خصوصاً في حالات قص الإسفلت ونزع بلاط الأرصفة، مطالباً بوضع حد لهذه الظاهرة. نموذج لتآكل الطرق نتيحة سوء سفلتتها