عيد الناجم لم يصنع برنامج الابتعاث علامة فارقة في انخفاض البطالة، فطابور العاطلين في ازدياد والباحثون عن الفرص الوظيفية يقارب عددهم 17000 باحث وباحثة عن العمل شهريا، ونسبة البطالة الإجمالية تتجاوز 12% مع توقع بزيادتها في السنوات المقبلة. وزارة التعليم العالي هدفت من خلال برنامج الابتعاث الى إعداد كوادر بشرية ذوي مستويات عالية من التأهيل والمعرفة رغبة في تلبية احتياجات سوق العمل بالكفاءات المتميزة. البرنامج أتاح الفرصة لكثير من الطلبة في استكمال تعليمهم في دول متقدمة، وفتح نافذة المعرفة للتطور وتعزيز مهاراتهم وساهم في توفير نخبة من الطلبة استفادوا دون غيرهم من الاطلاع علي تجارب هذه الدول خصوصا في مجال تخصصهم. سنوات الغياب التي قضوها في أروقة الجامعات، كانت تلف خلفها أمنيات المستقبل الجميل، التي كانت أيديهم ترسمها طوال سنوات دراستهم في ليال ظلوا يعانقون فيها النجوم بروح التفاؤل والأمل. ولكن غياب التخطيط السليم في الاستفادة من طلاب برنامج الابتعاث خلق حلقة مفقودة بين الطلبة الخريجين والقطاعين الخاص والحكومي لاستقطابهم في شغل الوظائف في ظل ما يملكونه من إمكانيات (لغة، مهارة، معرفة). القطاع الخاص ساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية واستطاع إيجاد استقرار على مدى طويل ولكن ظل يتجاهل الكوادر الوطنية لسنوات بحجة عدم كفاءتهم، بالإضافة لعدم توفر وظائف تناسب تخصصاتهم حتى بلغ (عدد الموظفين الأجانب العاملين بالقطاع الخاص يقارب 5.9 مليون فرد خلال عام 2012 يشكلون ما نسبته 99.5 % من إجمالي قوة العمل غير السعودية. بالإضافة إلى أن تقرير مصلحة الإحصاءات العامة يشير إلى أن عدد العاطلين الأجانب في السعودية بلغ 26.8 ألف فرد. وفي حالة استمرار احتضان القطاع الخاص العامل الأجنبي سوف تزداد النسبة إلي مستوى عال في السنوات المقبلة مما قد يؤدي إلى زيادة نسبة البطالة وانخفاض عدد العاملين السعوديين في القطاع الخاص. القطاع الحكومي ليس بأفضل حال فعدد الوظائف المطروحة غير كاف لاستيعاب كل هذا العدد من العاطلين على الرغم من عدم مناسبة بعض القطاعات الحكومية كفاءة المبتعثين الذين يبحثون عن قطاعات ذات (بيئة متطورة ومحترفة). غياب وزارة العمل بدورها الجوهري لسنوات أعطى الفرص للقطاع الخاص في تجاهل توظيف السعوديين والاستعانة بالأجنبي، وكانت (برامج السعودة) شعارات دعائية لم تجد التطبيق على أرض الواقع خصوصا إذا كان صانع القرار لم يفرض قوانين رقابية صارمة على القطاع الخاص في حالة عدم الوفاء بتحقيق النسبة المطلوبة منهم في السعودة على الرغم من برنامج نطاقات الذي هدفه تقييم أداء المنشأة ويصنفها إلى نطاقات أحمر، وأصفر وأخضر، وممتاز. في الآونة الأخيرة أطلق صندوق تنمية الموارد البشرية (برنامج جاهز) الذي يهدف إلى مساعدة الطلاب المبتعثين في الحصول على الوظائف المتاحة في سوق العمل الذي أتمنى أن يكون (البرنامج جاهزا) لتفعيل آليته بطريقه تساهم في انخفاض نسبة العاطلين وإيجاد توافق بين مؤهلات الخريجين وسوق العمل. ولا شك أن عديدا من المبتعثين يعيشون (حياة أليمة) على واقع الرضا بالحال والقبول بوظائف أقل من مؤهلاتهم رغبة في استكمال حياتهم في ظل عدم إقبال القطاعين الخاص والحكومي في استقطاب أصحاب المؤهلات العليا بسبب التكلفة المادية العالية فضلا عن السياسة التي يتبعونها في تخفيض المدفوعات. الملاحظ فعليا أن وتيرة التوظيف بطيئة جدا خاصة للطلاب المبتعثين، وهذا إشعار واضح للمسؤولين في إعادة النظر ببرنامج الابتعاث لأنه في حالة ازدياد العاطلين من (برنامج الابتعاث) سوف يوقع أثرا سلبيا على المدى البعيد مما سوف يؤدي إلى فقدان الحماس للعمل وتولد التبلد في حياة شريحة كبيرة من شباب المجتمع.