قبل الخوض في خيارات نجاح جنيف 2 من عدمه، نجد أن الوضع الذي كان متأزماً قبل شهر من الآن أصبح مختلفاً بعد الخطاب التصالحي الذي قدَّمه حسن روحاني في الأممالمتحدة والاتصال الذي جعل أمريكا تسحب تهديدها بضربات جوية متتالية لإضعاف النظام السوري، وتحوله لحالة اكتفاء بتدمير السلاح الكيماوي، ويبدو أنه ضمانات أكثر لأمن إسرائيل. نجحت الدبلوماسية الروسية في المفاوضات وجعلت الأسد يقبل ببعض الشروط، وأمريكا تقبل بالأخرى، ومازال الأخضر الإبراهيمي يحاول إقناع المعارضة بأن جنيف 2 مخرج لحل الأزمة. اليوم وقد تحولت سوريا إلى بركان من الدم، وثارات لا يمكن أن ترممها المفاوضات الروسية ولا الأمريكية، وأصبح رحيل الأسد هو الخيار الأصوب لنجاح هذه المفاوضات، ومازال الخبر السوري هو الأبرز في نشرات الأخبار، من خلال تلك التنظيمات التي جاءت نصرة للجهاد، وبعضها قام النظام السوري بتهيئتها والسماح لها بالاقتتال في الداخل كي يوهم العالم بأن الحرب في سوريا هي حرب ضد الإرهاب. بعضهم يقول نجح الأسد في إقناع الإدارة الأمريكية بأنه يحارب الإرهاب، وأنه لن يطلق رصاصة واحدة تجاه الكيان الصهيوني، وأنه الحارس الأمين للمنطقة العربية من التمدد الديني. في ملف هذا الأسبوع كانت استضافة كتاب قريبين من الحدث؛ حيث كتبت الأكاديمية والكاتبة الأمريكية من أصل سوري مرح البقاعي مقالة استدعت من خلالها المفاوضات الفلسطينية في أوسلو، ونتج عنه اتفاق سلام وقَّعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطنالأمريكية في 13 سبتمبر 1993، حيث استدعت حديث الأمريكي السفير فورد الذي قال للمعارضة «لا أرى خياراً أمامكم إلا الذهاب إلى جنيف». بينما قالت الكاتبة دينا أبي صعب المقيمة في جنيف إن «خيار المقاطعة خيار وجودي، لمعارضة قامت سلمياً ومن ثم اتجهت إلى السلاح من أجل تغيير نظام ديكتاتوري والوصول بسوريا إلى مرحلة جديدة». وكتب رضي الموسوي تحليلاً للوضع الذي يسبق انعقاد مؤتمر جنيف2، حيث قال: «جاءت زيارة الموفد الدولي لسوريا الأخضر الإبراهيمي إلى دمشق، سبقتها تصريحات من رئيس النظام السوري شدد فيها على تحديد مهمة الأول في سوريا بموضوع عقد مؤتمر جنيف 2 وليس وضع شرط مغادرة الأسد السلطة». وكتب المعارض السوري المقيم في باريس معن عاقل «تعزيز الانقسام بينه وبين الأطراف الإسلامية المتطرفة فيها، لذلك استهدف منذ البداية القوى المدنية والسلمية، وفيما بعد القوى الإسلامية المعتدلة، ولعب بمهارة على وتر تشرذم القوى السياسية المعارضة، فأفاد من عجز القوى الاجتماعية الثائرة ضده عن بلورة بديل له».