شاطئ نصف القمر... هذا الشاطئ الجميل الحالم الوديع، الذي عشنا معه نحن سكان المنطقة الشرقية منذ طفولتنا المبكرة، ومروراً بجميع أطوار حياتنا، عشنا معه أجمل وأروع وأمتع أيام حياتنا، ونحمل عنه ذكريات جميلة محفورة في أعماق الذاكرة، لا ولن تنساها ولن يمحوها الزمان، وقد عاش آباؤنا نفس تلك الذكريات الجميلة، أما أبناؤنا فإني أشك في ذلك! فقد نشر في الصحف منذ أيام خبر مضمونه أنه: تم الانتهاء من إعداد مشروع تحويل شاطئ نصف القمر إلى أضخم مشروع سياحي في المنطقة، يضم أكثر من خمسين ألف وحدة فندقية! أي بمعنى آخر إقامة مدينة إسمنتية كاملة على أجمل وأشهر بحر في المملكة وربما في الخليج وبالتالي قتله ودفنه نهائياً! وابتداءً، نحن جميعاً نعلم للأسف الوضع الحالي المزري الذي يمر به هذا الشاطئ البائس، فأغلب مساحاته مأكولة ومستولى عليها ومحوطة ومسورة، ومبني عليها قصور وشاليهات ومجمعات سكنية ومشاريع... وبعض الأملاك الخاصة المقامة على بحر الهاف مون تمتد لمساحات شاسعة جداً، تتعب السيارة وهي تنهب الأرض بحثاً عن نهايتها! فكيف به وهم يريدون تحويله إلى مشروع سياحي فندقي تجاري بحت، لا يدخله إلا من يدفع الأجور والرسوم.. وهي تأكيداً ستكون عالية جداً؟ أي أن الغالبية العظمى من المواطنين سيحرمون منه، لعجزهم عن دفع هذه الرسوم، ولبغضهم المكان إذا تحول إلى مشروع كهذا! الأوامر الملكية الصريحة الصادرة من خادم الحرمين الملك عبدالله (حفظه الله) تنص صراحةً على منع استغلال الشواطئ وإقامة مشروعات سياحية أو مبانٍ عليها، ولا أعلم كيف تجاوز هذا المشروع هذه الأوامر الصريحة الواضحة؟! وأنا أشم رائحة الفساد وراء هذا المشروع! وقد ورد في الخبر ذاته عبارات طنانة رنانة لامعة، منها: أن المشروع سيوفر مائة ألف وظيفة للسعوديين، وأنه يحقق التناغم بين أطراف المدينةالجديدة ومركز المدينة، وأنه سيكون مركزاً سياحياً وترفيهياً مهماً... إلخ، وهي كلها عبارات كاذبة وللاستهلاك المحلي فقط ولدغدغة المشاعر بأساليب دعائية مدروسة فارغة المضمون والمحتوى (كلامٍ مأكول خيره) كما يقولون! حقيقةً أتمنى أن تقف العراقيل والعقبات في وجه هذا المشروع المتسلط الظالم، وأن يتعطل ولا ينفذ، وأتمنى أن يبقى هذا الشاطئ الجميل بكراً، على عذريته وصفائه، للناس البسطاء الذين لا يجدون سلوتهم وراحتهم إلاّ به. وأنا لا أملك إلاَّ أن أوجه البرقيات إلى خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد وأمير الشرقية، أناشدهم من خلالها حماية هذا الشاطئ المسكين المغدور أو بالأحرى ما تبقى منه! من هذا الاستغلال البشع المرفوض، وعدم اغتياله وحرمان الناس منه، وأناشد كل المواطنين وكل محبي شواطئ الشرقية أناشدهم رفع برقيات مماثلة إلى أولياء الأمر ومطالبتهم بذلك، وهذا أقل ما نقدر عليه.