أتساءل عن الفنان غير التشكيلي، الذي لا يرى أبعد من عينيّ الشخص الذي يتحدث معه، وهو شخص لا يجيد سوى العبث باللونين الأسود والأبيض. لا أعلم كيف تسول هذا الفنان فنه (المُجرد) عبر عشرات السنين، جيلاً بعد جيل، حتى أصبح فنه ثقافة وبروتوكولا اجتماعيا أعتبره غير حقيقي. أتكلم عن الشخصيات الذين يعتقد البعض بأنهم عظماء، لكنهم في حقيقة الأمر ليسوا سوى (أشباه عظماء)، وكيف استطاعوا زخرفة أسمائهم ليتحولوا في عيون المجتمع بهذه الصورة التي يروجون لأنفسهم من خلالها (الفنان العظيم). بسبب ذلك الفن المُجرد، نعامل كل شخص حسب زخارفه تلك دون النظر في ماهية هذا الشخص وما قيمته الإنتاجية. أي شخص وضع خلف اسمه رموزا في سانتيمترات معدودة، استحق ونال معاملة العظماء، من خلالها، ولعلي لن أتحدث عما تمنحه هذه المعاملة ومميزاتها التي اكتسبها بهذه الرموز، وكما ذكرت سابقاً أصبحنا نتجرع هذه الثقافة يومياً لنمارس طقوسها عندما يلوح علينا شعاع أحد هؤلاء العظماء. وهنا ألفت النظر وأخالف هذه الثقافة بأن عظماء العقول والنفوس الحقيقيين لا تختبئ أسماؤهم وأعمالهم وإنجازاتهم خلف سانتيمترات ولا أمتار! العظماء الحقيقيون يُعرفون بأسمائهم المجردة، دون رموز، تجدهم مع الناس وللناس، لا يبحثون عن بساط أحمر يقدمهم، ولا عن أيدٍ فارغة تصفق لهم، هم مشغولون بإنتاجهم وعطائهم. وكما قال الفيلسوف طاغور: «ندنو من العظمة بقدر ما ندنو من التواضع».