أتحدث وأكتب وما زال الحديث فيه من البقية وأنا لم أكتب شيئا إلى الآن.. وربما ما تردد في بالي قبل كتابة هذا المقال.. هو «كلمة» سمعتها من أحد العمالة الأجنبية في مقر دراستي، فكنت أتجول بجوار مبنى الهندسة فقال لي أحد العمالة الأجنبية «هنا سعودية (مهندس) نفر مسكين خلّص اجلس بالبيت» ابتسمت وحزنت من هذه الكلمة. عليك أن تتخيل معي عزيزي القارئ كيف يدخل طالب الهندسة في بلادي وكيف تكون رحلته الدراسية.. بداية الحلم ورحلة التحقيق لهذا الحلم.. فهو يصطدم في دراسته الثانوية باختبار القدرات والتحصيلي والمعدل.. وجميعه همّ في همّ!. الرحلة لم تنته، اختبارات مدرسية وطلبات مدرسية وما زال مهندس المستقبل صامدا!.. العام الثالث في الثانوية انتهى يحمل فرحة لا توصف ها هو مهندس المستقبل يحزم حقائبه إلى المرحلة الجامعية.. تقديم في هذه الجامعة وتلك، أساليب تطورت مع مرور الزمن فأصبح مهندس المستقبل يرسل أوراقه الرسمية إلى البريد ومنها فهو مقبول، ولكن قبوله لا يعني بأنه وصل لما يريد، هناك سنة تحدد مصيره من الهندسة إلى البيت!.. السنة التدميرية! عفوا إنها (التحضيرية) سنة أنت يا صديقي المهندس (تكرف) فيها!.. وأنا يا من أريد تخصصاً نظرياً فلي هذا من البداية فلا (أكرف) ولا (أتعب) في السنة التدميرية.. الرحلة لم تنته ففيها كثير وكثير.. سنة تظلم كثيرا من الطلاب.. فكيف لطالب محدود الدخل عليه أن يحضر كتبا أقل قيمة لها تتجاوز (1000) ريال سعودي.. وكيف لهذا الطالب أن يتحمل عناء الغربة بعيداً عن أهله!؟ لكن يا صديقي المهندس «اصبر» حتى لو تأخرت المكافأة ولم تنزل في موعدها.. الرحلة تستمر والقصة تطول.. انتهت السنة التحضيرية وانتهى حلم الكثير بالخروج من الجامعة، فهل ما زال مهندسنا صامداً؟ نعم ما زال صامدا، فمبارك يا صديقي دخلت إلى المبنى الذي مررت بجانبه وتحدثت مع «صديق» فيه عنك. أربع سنوات من العناء والهم والأرق والاجتهاد وما زلت صامدا! إغراءات داخل قسم «الهندسة» تصل إلى حد الجنون.. المهندس يتحفز ينتظر الخروج من أجل العمل وخدمة الوطن.. ورئيس القسم وأعضاؤه عليهم دورات تعريفية وما زال التحفيز مستمرا لأنهم مهندسو المستقبل!.. انتهت الأربع سنوات وتخصص عزيزي المهندس!.. تسلم الوثيقة وذهب يسعى ويسعى ويسعى!.. وفرحة الأهل والإخوان والأصحاب والأحباب.. فقبل اسم حبيبهم حرف «الميم».. وكلام ومديح .. وبعد الشهر الأول تأتي الرسائل الموثوقة بالاعتذار من صديقي «المهندس» فأنت لا تملك (الخبرة)!.. تذهب إلى فلان وعلان (ما معاك خبرة)!؟.. فبعد رحلة الهندسة وعناء وتعب.. بدأت رحلة البحث عن (خبرة )!.. الحلم لم يتنه فأرددها لك من جديد «اصبر».. «يا بش مهندس».. الشركات تبحث عن خبرة وأنت يا عزيزي لا تملك الخبرة!.. عجباً يا لها من أسوأ رحلة؟.. أسئلة بريئة تدور في بالي.. لماذا لا نثق بأبناء الوطن ولماذا لا نعطي الفرصة لمن يستحق؟! فكم من مهندس انتهت رحلته هكذا! وآخرتها «حارس أمن»؟.. وكم من رحلة انتهت جميلة عزيزي «المهندس» فاعمل وأصبر.. فأنت (نفر مسكين)!