مِقعدٌ جالسٌ هناك فتية الكروم قميصُه من النجوم ياقتُه مرفوعةٌ وشعره مهدولٌ على كتفينِ بعيدين وَصَفته الريحُ في فهرس الطهاة المدربين يحترف ابتكارَ الطقس والطبيعة ويحرّر الهواء : تعصفُ كي يهطلَ النعناعُ في قفَّتِه تُمطر لكي يُغسلُ الأرزُ على مَهَلٍ. يشدّ حزامه في وسطٍ مهصورٍ بالتعب ويقوى على التجوال ريثما تنضجُ الأجنحة يتوغلُ ببهاره النفّاذ حتى التلافيف يصقل أكبادَ الأسرى بالضوء وحين تَدْلَهِمُّ سماءُ الغابة ويَتلَّفتُ ملكُ الغيم ينشر قميصَه في فضاء البيت فتتألق نجومُه متلاعبةً بهدأة الكون ويشبُّ النورُ متلألئاً في حبَاب الجعّة وبلّورِ القدح فيدرك الحقلُ أن قميصَه المصلوب في السّور دعوةٌ لاستضافة الوحش والطير، وكان هذا مدعاةً لاعتكاف الفتية على جَنْي الكروم في الفجر التالي بصدورٍ عاريةٍ وخصلاتٍ مُدلّاةٍ على أكتافٍ حرةٍ بلا وشمٍ ولا مرايا وبغير اكتراثٍ بالريح. صمتٌ يحرس نسمع الصمتَ ماكثاً هناك فوق مقعدِ الخشب في العشب يطلُّ علينا أو يحرسُنا لا نعرف سوى أنه هناك جالسٌ في جلالة الصمت يردّد تعاويذَ يخفرها البخورُ ويسرد الرُّقى والتآويل لا تفوتنا نأمة السُعاة ولا يعبر شبحٌ دون أنْ نراه وحدَنا في الليل وحدنا في النهار كأن الكونَ لنا عراةٌ من القرائن نكتبُ أحلامَنا نمحو أحلامنا ونُصغي لما لا صوتَ له وغير مرئيٍ وله سلطةُ الوقت. بيتُ النجوم ينقص الملحُ في منتصف الخبز فترتدُّ المرارات فينا نحن ملحُ الأرض نصغي لاحتمال فهرس البُطء هل نكتفي بالقَنْد المفقود والخبزِ المُتاح يدُنا في الطين في فزّاعةٍ تحمي الطيورَ والسنابل من العذاب في فخاخ الخريف أتُرى محضَ خيالٍ أنَّ بيتَ النوم يخفي قنده عنّا يرخي حبلَ أحلامنا ويوارينا في ثمالة الأرض؟