لا أعرف حيثيات الدعوى، ولا لدي من العلم الشرعي مايؤهلني لأن أناقش الحكم وعلى ماذا استند القاضي في حُكمه؟، لا أملك إلا تساؤلات فشلت في كبح لجامها بعد قراءتي الحكمَ الصادر في قضية «الرقص العاري» الذي اشتمل الحكم على المتهم الأول بالسجن 10 سنوات و2000 جلدة علنية متفرقة، وتغريمه 50 ألف ريال، وسجن صاحب السيارة 7 سنوات، وجلده 1200 جلدة، ومصادرة سيارة الجيب ربع 2012 التي حدث عليها الرقص والتعري، إضافة إلى سجن مرافقيهما الاثنين 3 سنوات، وجلد كل منهما 500 جلدة! ولهذا تساءلت كما جاء في عنوان المقال، لو أن الشاب قُبض عليه متلبساً بجريمة الزنا (وهو عار أيضاً) فإن الحكم (حداً) سيكون أرأف بكثير من (اجتهادات) البشر، فالله سبحانه وتعالى وضع الحدود للجرائم التي لايختلف عليها أحد، وقننها بحدود، وترك –وهو القادر على وضع حد لكل صغيرة وكبيرة- ترك لنا الاجتهاد فيما دون الحدود، فهل مارسنا (الغلوّ) عندما تجاوزنا الحد الشرعي بقضايا لم يوجب الخالق لها حكماً شرعياً مقنناً؟! لستُ مُدافعاً عن الشاب، ولا أُقر مافعله مهما كانت المبررات، لكنني لم أستطع التخلّص من التفكير بهذا الشاب، هل عشر السنوات هي عقاب طبيعي، ولماذا 2000 جلدة وليس مائة أو 3000 مثلاً؟ ومن أين له بخمسين ألف ريال وهو الذي صُودرت حتى سيارته؟ هل سيحس (بالغبن) ويستدرجه الشيطان كي يتمنى أنه فعل جريمة تستحق كل هذا العقاب؟ وأي نفسية سيواجه بها المجتمع بعد انقضاء عشر السنوات وظهرٍ لن تُمحى منه بقايا ألفي جلدة، نعلم أن مجتمعنا المتناقض سيكون بانتظاره، وسيسخر منه السارق الحُر، والفاسد الطليق، فيما هو تؤلمه سخريتهم إضافة ليقينه أنهم هم المجرمون الحقيقيون ولكن! ماذا سنقول له عندما يقرأ في صحيح مسلم قصّة المرأة الغامدية مع الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم, هل نقول إننا أكثر تديناً من حبيبنا عليه السلام الذي قال (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها) وهو يرد امرأة أقرّت بالزنا؟ أنا هُنا فقط أُشرع باب الأسئلة التي يراها الشارع منطقية ومؤلمة، أخطأ شاب، وبدلاً عن محاولة إصلاحه واحتوائه صنعنا منه إنساناً مدمراً، أتخيل هذا الشاب وهو يمارس فعلته المشينة تلك أمام خير البرية عليه الصلاة والسلام، هل سيتعامل معه بقسوة، بالتأكيد لا بل سيصنع منه إنساناً فاعلاً كما صنع مع ذلك الذي استأذنه بأن يزني!