عادت موجة الاحتجاجات الشعبية أمس لتعم أجزاءً واسعة من مدن وولايات السودان في إطار ما سُمِّيَ «جمعة الحرية» كما أطلق عليها آخرون «جمعة رد الاعتبار».ولم يمنع الانتشار الشُرَطي الكثيف في عدة مدنٍ خروج المواطنين في تظاهرات سلمية عقب صلاة الجمعة، في وقتٍ واصلت فيه السلطات قمع المحتجين. من جانبها، دعت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان أمس الاتحاد الإفريقي إلى إرسال لجنة تحقيق عاجلة إلى السودان بعد ما وصفته ب «الانتهاكات الخطيرة». وأبلغ شاهد عيان «الشرق» أمس أن المواطنين خرجوا في مظاهرات عفوية يطالبون بإسقاط النظام، وقال إن المواطنين خرجوا عقب صلاة الجمعة في كلٍ من شمبات في بحري والحاج يوسف في شرق النيل ومناطق أخرى وسط الخرطوم كأحياء بري والديوم وجبرة والسجانة. وكشف شاهد العيان أن مواطنين حاصروا مكتباً يتبع لجهاز الأمن للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين. كما خرجت احتجاجات في مدني بولاية الجزيرة، وعطبرة بولاية نهر النيل، والأُبَيِّض حاضرة ولاية شمال كردفان، وبورتسودان بولاية البحر الأحمر. وقال شهود عيان إن الشرطة حاولت تفريق التجمعات باللجوء إلى العنف المفرط والإطلاق الكثيف للرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع، مشيرين إلى أن حالات كر وفر بين المتظاهرين والشرطة أمس. من جهتهم، أعلن ناشطون ولجان أطباء إحصائية على شبكة الإنترنت لأعداد الضحايا في الاحتجاجات الأخيرة، وتسجل الإحصائية 204 قتلى في الخرطوم ونيالا ومدني، كما تسجل 189 مصاباً بالذخيرة الحية وبالرصاص المطاطي في مدني ونيالا وبورتسودانوالخرطوم وعطبرة. أما عدد المعتقلين فبلغ، بحسب الإحصائية، 1364 معتقلاً في الخرطوم وحدها، و142 في مدني، و11 في الحصاحيصا، و73 في عطبرة، و59 في القضارف، و46 في بورتسودان و27 في كسلا. بدورها، صادرت السلطات أمس الجمعة أعداداً من صحيفة «اليوم التالي» من المطبعة دون إبداء أي أسباب، فيما لا يزال هناك صحفيون معتقلون في مباني شجهاز الأمن. وفي تطورٍ لافت، دعت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان أمس الاتحاد الإفريقي إلى إرسال لجنة تحقيق عاجلة إلى السودان بعد ما وصفته ب «الانتهاكات الخطيرة» التي وقعت أثناء مظاهرات احتجاجية الأسبوع الماضي. وأدانت الفيدرالية، التي تضم 164 منظمة حقوقية حول العالم، في بيانٍ لها «عمليات القتل التي تقوم بها السلطات السودانية والقيود الخطيرة التي تفرضها على الحقوق والحريات الأساسية»، مؤكدةً أهمية قيام الاتحاد الإفريقي بإرسال بعثة عاجلة للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في البلاد. وفي السياق نفسه، أدان المراقب الخاص لحقوق الإنسان في السودان، الخبير النيجيري مشهود عبد بيو بادرين، في بيانٍ أصدره أمس «قمع» المظاهرات في السودان، مشددا على وجود خطر على الحقوق الأساسية للإنسان في هذا البلد. وقال «يحق للمدنيين الاجتماع والتظاهر سلميا حسب القانون الدولي، وعلى حكومة السودان أن تحترم هذه الحقوق بموجب دستورها والقانون الدولي، وأدين بشدة اللجوء إلى العنف ضد متظاهرين سلميين وتدمير ممتلكات عامة خلال التظاهرات»، داعياً على حدٍ سواء الحكومة والمتظاهرين إلى الامتناع كليا عن اللجوء إلى العنف». وبادرين هو خبير مستقل كلفه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمتابعة الوضع في السودان، وطالب بادرين ب «فتح تحقيق سريع وغير منحاز» بشأن التطورات الأخيرة في هذا البلد.