كتبتُ ذات تمرد عن «معلومة» غير جيّدة وقديمة تخص نادي الهلال، توقعت أن تأتي ردة الفعل على هيئة تشكيك بالمعلومة، أو طلب المصدر الذي نقلت عنه المعلومة، لكن كل ذلك لم يحدث حيث كانت ردة الفعل (القوية) على طريقة الهجمة المرتدة، لم يأتِ أحد ليشكك بالمعلومة أو يناقشها، الجميع تجاوز المعلومة وقفز فجأة إلى أنني من محبي النادي المنافس، حيث كانت الردود تنحصر بضحكة ساخرة يعقبها المفردة الشهيرة (العالمية صعبة قوية)، لم أبُح لأحد من قبل عن ميولي الرياضية، لكنه عُرف جماهيري رسّخه الإعلام الرياضي، فالإعلامي الرياضي لسان حاله مقالة دريد بن الصمة: (وهل أنا إلا من غزية إن غوت..غويت وإن ترشد غزية أرشدُ)، فالكاتب الهلالي -مثلاً- هو الذي عُرف عنه نقد نادي النصر، والكاتب النصراوي المُخلص هو عن كُل ما يكتب عن ناديه بغض النظر عمّا كُتب، وقس على ذلك بقية الأندية، فهم يدافعون عن لاعب فريقهم المُفضل ويحطّون من قدر اللاعب المنافس حتى والاثنان يلعبان باسم المنتخب! الأمر ذاته يتكرر عندما يكون الحديث عن انتقاد الهيئة (كجهاز حكومي)، فيتم القفز مباشرة والتوصل لحقيقة كونك علمانيا وليبراليا ومن دعُاة التغريب، وهذه في قاموس المُدافع أقذع مفردات يحملها قاموسه الشتائمي، تحاول تشرح له أن مطاردة الهيئة -مثلاً – للمواطنين هي (معلومة) لم تنفها الهيئة، ويطلب منك أن (تتبين)، ويُصر على خُبث (نياتك) بحكم معرفته بتوجهات بني علمان وليبرال فسماعه لخُطب الكاسيت جعله خبيراً بالنيات، تحاول أن تخبره أنه أوغل بتقديم (الظن السيئ) عندما حاكم نياتك، وهو مُشابه لما قام به من يُدافع عنهم عندما قدّموا سوء الظن واعتبروا المواطنين في حالة سُكر (دون تثبّت) وبيّن الكشف خلاف ذلك، وكي يحسم الأمر ينتظر منك أن تتأنى حتى تظهر نتائج التحقيق، رغم أنك لم تُدن أحدا إنك تتحدث عن «مُتهم» بينما هو رماك بالعلمنة واللبرلة، وهذه الألفاظ حسب دلالاتها في المجتمع تعني أنك ضد الدين، أي في النهاية يرميك بالكفر دون «بيّنة أو تثبّت»! والمحصلة أننا حسب المثالين أعلاه ما زلنا بعيدين عن (النقد) الذي يُرام منه الإصلاح، فمن ينتقد الهلال هو نصراوي، ومن ينتقد الهيئة (كجهاز حكومي) هو بالضرورة ضد الهيئة بذاتها وليس كجهة حكومية، وسنظل مكاننا، أو بالأصح نعود لزمن دريد بن الصمة، فنحن نُمارس الدفاع عن (غزيتنا) ولا نمارس النقد!