كانت إحدى قريباتي تشتكي في زيارتها الأخيرة لمدينة الرياض من جفاف سكانها وأن أهل العاصمة على حد قولها “قشران”. وكانت تقول إنهم نادراً ما يبتسمون في وجه الغرباء بخلاف أهل القرى والهجر فهم دائمو الابتسامة وتعلو البشاشة وجوههم ويرحبون بالغرباء ويكرمون القادمين لديارهم. هذه الملاحظة ليست الأولى التي سمعتها عن سكان مدينتي التي أشعر لها بالكثير من الود، فقد سمعت أكثر من شخص سواء من سكان المدن الأخرى أو من المقيمين ممن يشجب ويستنكر سلوك أهالي الرياض. ويبرر من يرى هذا الرأي أن الطبيعة الصحراوية والجافة لمنطقة نجد حيث تقع الرياض هي السبب، بينما يرجع آخرون السبب لثراء أهلها والدخل المرتفع لسكانها. وأنا أرى أن هذا الاتهام فيه تجن وظلم كبير لأهل مدينة يقدر عدد سكانها ب 4.9 ملايين حسب آخر الإحصائيات. فالتعميم في الحكم على شعب ما أو سكان منطقة أو قبيلة معينة سلوك خاطئ يفتقر للرأي المتوازن. ثم إن الله خلق بني البشر مختلفون ليس في السلوك فحسب، بل حتى في الأشكال والألوان والأجناس، وفيهم الطيب وفيهم السيئ، فيهم المؤمن وفيهم الكافر. وحتى داخل الأسرة الواحدة التي تربي جميع أبنائها نفس التربية ولهم نفس الوالدين يخرج الأبناء بشخصيات وطباع مختلفة، وقد لا توجد بينهم قواسم مشتركة. وإذا كان الأشخاص الذين يعيشون في نفس المنزل والبيئة مختلفين في طباعهم، فما بالك بسكان مدينة كبيرة كمدينة الرياض يقطنها الملايين من مختلف الشخصيات والأجناس. إن إطلاق الأحكام على الآخرين ليس بالأمر الصعب وكم من شعب وصم بصفات سيئة بسبب موقف ما مر به مصدر الحكم أو نتيجة قناعة ترسخت بعقله وفكره، أو بسبب ما يردده الآخرون من مزاعم وأقاويل. وكثير من الناس قد يحرم من فرصة التعرف على الآخرين والتواصل معهم بسبب آراء وأحكام لم تكن متوازنة. إن التعميم في الأحكام خطأ شائع عند الكثيرين فلننتبه له لكي لا نصدر أحكاما غير صائبة على الآخرين.