دخلت الاحتجاجات السودانية على القرارات الاقتصادية الأخيرة للحكومة يومها الرابع في ظل غيابٍ شبه تام للمعارضة التقليدية «قوى الإجماع الوطني» عن ساحات التظاهر. وشكَّل الشباب اليافع وطلاب الثانويات الأغلبية الساحقة من المتظاهرين، وتصدت الأجهزة الأمنية لهم باستخدام القوة المفرطة، في الوقت نفسه، أشاع الخارجون عن القانون أجواءً من الرعب في العاصمة السودانية أمس بغرض النهب والتخريب. وخلت شوارع الخرطوم من المارة وبدت وكأنها مدينة أشباح مهجورة، وأغلقت المحلات التجارية أبوابها خوفاً من أعمال النهب والسلب والتخريب، وكان المخربون قد أحرقوا عدداً كبيراً من صيدليات العاصمة ما أفرز أزمة حقيقية في الدواء. كما أدى إحراق المخربين عدة محطات للوقود إلى تكدس السيارات في المحطات التي نجت من الحريق في صفوفٍ طويلة، وأعاد مشهد الصفوف المتراصة أمام المخابز في الخرطوم حقبة حكومة الصادق المهدي، وأغلقت البقالات ومحلات بيع الخضار والفواكه واللحوم أبوابها بعد تعرض بعضها إلى هجمات واعتداءات وسط غيابٍ تام للشرطة. وأُحرِقَت بعض المحال التجارية في سوق «ستة» في الحاج يوسف خاصةً محلات بيع المواد التموينية بالجملة، ودرج المخربون على سرقة المحلات ثم إحراقها بما تبقى فيها من بضائع بجانب قطع الطريق على المارة وإحراق كل مَنْ يحاول أن يتجاوز الحواجز التي يقيمونها، وأُحرِقَت بعض مراكز الشرطة والنيابات في أم درمان حسب إفادات. وفي حي الديم وسط الخرطوم، الذي تقطنه أغلبية من الجنسية الإثيوبية، اعتدى المخربون على بعض الفتيات اللاتي يبعن الشاي والأطعمة الإثيوبية وجردوهن من أموالهن. وفي حي أركويت، حاول المخربون الاعتداء على عفراء مول وبنك المال المتحد ونهب الممتلكات الخاصة، إلا أن سكان الحي تصدوا لهم، أما أصحاب المحلات التجارية في سوق حلة كوكو فاستعانوا بذويهم من القرى المجاورة ورابطوا أمام محلاتهم التجارية بالعصي والسيوف. وخلت الخرطوم من أي وجود ملموس لقوات الشرطة التي أُحرِقَت أقسامهم في منطقة عد حسين والسلمة وقسم المهدية – أم درمان وقم الدروشاب بحري وكرور أم درمان، وشهد السوق المركزي جنوبالخرطوم حملات سلب ونهب، في الوقت الذي انتشرت فيه قوات سرية لإعادة الأمن والهدوء إلى الخرطوم. وبالفعل نجحت القوات السرية، وهي عناصر على درجة عالية من التدريب والكفاءة تتبع إدارة هيئة العمليات بجهاز الأمن والمخابرات الوطني، في تهدئة الشارع في العاصمة ما بث روح الطمأنينة في نفوس المواطنين الذين كان الرعب قد أصابهم جراء أعمال المخربين الخارجين على القانون. وشيئاً فشيئاً بسطت القوات السرية سيطرتها الكاملة على الأوضاع ما أعاد الحياة بصورة متدرجة إلى طبيعتها الأولى. في سياق متصل، نددت منظمات حقوقية وعدلية باستخدام الأجهزة الأمنية القوة المفرطة تجاه المتظاهرين وطالبت بحمايتهم من بطش النظام وقواته الأمنية، وأوردت بعض مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لسقوط قتلى من طلاب المدارس المتظاهرين سلمياً.