دعمت روسيا نظام الأسد المتداعي، الذي اعتبرته عديد من الدول الكبرى أنه فقد شرعيته منذ أكثر من سنتين، في محاولة منها الإبقاء على آخر موطئ قدم لها في الشرق الأوسط، بعد خساراتها المتكررة على مدى العقدين الماضيين إثر تلاشي نفوذها مع انهيار الاتحاد السوفيتي، وتسعى موسكو، بكل السبل للحفاظ على هذا النظام معاندة الحتمية التاريخية الماركسية التي تبناها زعماء الكرملين طوال القرن العشرين. لكن بات من الواضح أن الدور والنفوذ الأمريكي بدأ في التراجع مع سياسة أوباما فيما حقق الرئيس بوتين ووزير خارجيته نجاحاً كبيراً في إدارة الأزمة السورية، على حساب الغرب الذي بدا غير مكترث فيما يجري في سوريا، ورغم إلغاء بوتين صفقات أسلحة روسية إلى نظام الأسد بعد استخدامه السلاح الكيماوي، إلا أن موسكو سجلت مبادرة اللحظة الأخيرة التي قدمتها لإنقاذ الأسد من العقاب تطوراً مهماً في الحضور الروسي، على الرغم أن المبادرة لا يزال أمامها كثير من العقبات. وروسيا التي رسّخت علاقات استراتيجية مع إيران كونها أحد اللاعبين الرئيسيين في برنامجها النووي وتسهم في تطوير هذا المشروع الذي ينتقده الغرب، بينما تستمر طهران في تطويره بشكل متسارع، أعلنت أكثر من مرة أنها تساند المذهب الشيعي في المنطقة واضعة نفسها في مواجهة الثورة السورية، وأكدت في أكثر من مناسبة أنها تخشى وصول المسلمين السنّة إلى السلطة في دمشق، بوتين الذي سجل انتصاراً في الأزمة السورية مع مبادرة نزع الكيماوي من نظام الأسد، سارع على الفور لتعزيز انتصاره هذا بالإعلان أنه ينوي تسليم إيران أنظمة صواريخ الدفاع الجوي إس-300 إضافة إلى بناء مفاعل نووي ثانٍ في محطة بوشهر النووية. ورغم كل الشكوك التي تحيط ببرنامجها النووي وأهدافه، وإن أخفت إيران نياتها حول امتلاك واستخدام النووي إلا أن سياساتها القائمة على التوسع وفرض النفوذ وإرادتها في المنطقة لا تخفى على أحد إن كان في تهديد دول الجوار أو مشاركتها في الصراع السوري مع ذراعها حزب الله بالإضافة لهيمنتها على العراق. فهل سيكون إعلان بوتين عن نيته تسليم الصواريخ لإيران ابتزازاً جديداً لأمريكا والغرب للقبول بالمشروع الروسي بشأن نزع السلاح الكيماوي من الأسد كما ترغب موسكو، وفرض وجودها كلاعب جديد في الشرق الأوسط، أم إن الغرب سيفرض إرادته عبر الصراع السوري والنووي الإيراني، ويعيد بوتين إلى حدوده؟