أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني في وفاة والدتهم    %83 من أطفال المملكة يعيشون في بيئة محفزة للتعلم    ريما بنت بندر تحضر تنصيب الرئيس ترمب وتنقل تهاني خادم الحرمين وولي العهد للرئيس الأمريكي    وزير الداخلية يعزّي أسرة المورقي    الطائي أمام النجمة على ذكرى الثلاثية.. نيوم يستقبل أبها.. البكيرية يواجه العدالة    النصر يجدد للخيبري حتى 2029    «الجوال» يتصدّر مسببات حوادث المرور في نجران    برئاسة نائب أمير مكة.. لجنة الحج تستعرض مشاريع المشاعر المقدسة    أكسجين ووقود صيني في المدار    قطة تتقدم بطلب استقالة لصاحبتها    لأول مرة إنتاج شاي سعف النخيل    سيناريوهات اختفاء الأكسجين لمدة 60 ثانية    آلية تدمير التدخين الإلكتروني للرئتين    الفضة تغير لون الجلد    إنستغرام تعيد ميزة إعجابات الأصدقاء    السعودية ورهان العرب..    الحرب على غزة وتفكيك السردية الإسرائيلية    وماذا بعد صفقة غزة؟    26.7 مليار ريال قيمة مبيعات NHC" وشركائها    تمكين الشباب ودعم الشركات الصغيرة    رتال تطلق مشروع نوبو في مدينة الخبر    مستشفيا قوى الأمن بمكة والدمام يحصدان جائزة الملك عبدالعزيز للجودة    في الجولة ال 16 من دوري روشن.. الهلال يستقبل الوحدة.. والنصر ضيفًا على الخليج    الحكم المحلي وعدالة المنافسة    الهلال ونيمار.. أزمة حلها في الإعارة    مجلس الشورى في زيارة إلى الحدود الشمالية    وزير النقل يستعرض خطط الوزارة في جلسة الشورى    متى تختفي ظاهرة اختلاف تفسير النظام من موظف إلى آخر    أداء «النقل» على طاولة «الشورى».. الاثنين    حتى لو    تحديات مبتعثي اللغة وحلول مقترحة لدعم رحلتهم الأكاديمية    ماراثون أقرأ    الفلسفة أفقا للنهوض الحضاري    الأدب الكلاسيكي وفلسفة القديم والجديد    كتاب الموتى الرقمي والحق في النسيان    روائع الأوركسترا.. واستقرت بها «الرياض»!    المواطن السعودي عبدالرحمن بن مساعد !    منافسة لدعم الشركات المحلية المتخصصة في تقنيات الفضاء    محافظ جدة يطلع على برامج إدارة المساجد    آفة المقارنات    الحوار الصامت    "التجارة" تعزز التشريعات بصدور وتطوير لوائح جديدة    «الخارجية الفلسطينية» تُطالب بفرض عقوبات على المستوطنين    الحديث مع النفس    بريطانيا تفرض غرامة مالية على العطس أثناء القيادة    تقنية طبية سعودية لعلاج أمراض فقرات الرقبة    244 مليونا تعيق رحيل نيمار    وزير الحرس الوطني يستقبل وزير إدارة برنامج الاستحواذ الدفاعي في كوريا    نائب أمير مكة يرأس اجتماع لجنة الحج المركزية    أمير تبوك ونائبه يواسيان أسرة السحيباني    الأمير سعود بن نهار يستأنف جولاته لمراكز " قيا شقصان كلاخ والسديرة"    إدارة التحريات والبحث الجنائي بشرطة الرياض تقبض على 9 أشخاص ارتكبوا 33 حادثة احتيال مالي    عبدالعزيز بن سعد يستقبل رئيس جامعة حائل المكلف    نائب أمير تبوك يستقبل قائد حرس الحدود بالمنطقة    أمين القصيم يلتقي وكيل الوزارة المساعد للتخصيص    من القيد حتى الإغلاق.. المحاكم العمالية تختصر عمر القضية إلى 20 يوماً    أمير الرياض يعزي في وفاة المباركي    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإغاثية للشعب السوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بوتين يدعم صيغة الأسد للحل السياسي
نشر في الحياة يوم 20 - 06 - 2013

محدود ومتأخر وغير مضمون الفاعلية والثبات... هذا ما يمكن أن يوصف به ما اعتبر «تغييراً» في الموقف وليس في السياسة الأميركية. وباراك اوباما قال إنه في كل الأحوال لن يتخذ سوى القرارات التي تحقق مصالح الولايات المتحدة. هذه المصالح أولويات تبدأ بإسرائيل، القادرة على مواجهة أي تداعيات سورية–إيرانية عليها، ثم تركيا التي زُوّدت بطاريات صواريخ «باتريوت» ويبقى «الناتو» معنياً بأمنها، ثم الأردن الذي ازداد الانخراط الأميركي في تجنيبه المخاطر المتصاعدة. هذا في ما يخص الدول المجاورة لسورية، أما لبنان فأصبح واضحاً أنه انزاح رغم إرادته إلى فلك المصالح الروسية في إطار «التحالف» غير المعلن مع إيران، وأما العراق فتكتفي أميركا بالمصالح التي نالتها لقاء تسهيلها تمدد النفوذ الإيراني في واحد من أهم بلدان العرب.
على خريطة المصالح هذه كان تسليح المعارضة مجرد تفصيل، غير أن أوباما تمسّك بكل الصعوبات لتأجيله. وليس مؤكداً أنه أدرك أخيراً الأضرار التي تسبب بها تأخير التسليح رغم التحذيرات التي تلقاها ممن يعتبرهم حلفاء لأميركا. وليس مؤكداً أيضاً إذا كان لمس أن ذريعتيه لعدم التسليح حققتا أهدافاً عكسية: فمن جهة تنامت «التنظيمات المتطرفة» على حساب «الجيش السوري الحر» وسائر فصائل المعارضة «الموثوق بها»، وذلك بفعل قسوة الحرب والمواجهة مع النظام، ومن جهة أخرى لم يؤدِّ حرمان المعارضة السلاح إلى إقناع روسيا أو النظام بتغليب العمل للحل السياسي بل إلى اندفاع النظام نحو حسم عسكري للأزمة.
عندما راجعت إدارة اوباما خياراتها، غداة معركة القصير، وجدت طبعاً أين يكمن الخطأ، لكنها ظهرت كما لو أنها تحاول إصلاحه بمعالجة «الأضرار الجانبية» بدل أن تخرج بخطة بمستوى دولة عظمى، ما لم يفت روسيا، التي تعاملت مع التسريبات عن تسليح المعارضة أو أدلة استخدام السلاح الكيماوي أو مناطق الحظر الجوي وكأنها خيارات يائسة «منفصلة من الواقع»، فالمقاربة «الأخلاقية» للمسألة السورية استهلكت نفسها سريعاً، وكان حذرها وترددها مفضوحين منذ البداية أمام مقاربة لاأخلاقية تماماً -ولا تطمح لأن تكون أخلاقية- اتّبعتها روسيا وإيران والنظام السوري. وقد أربكت المقاربة الأميركية الحلفاء أكثر مما أزعجت الخصوم، لكن الأهم أنها أغفلت المواجهة التي فرضت نفسها على الولايات المتحدة وتهربت من الاعتراف بها، حفاظاً على «مبدأ أوباما» عدم التورّط في أي نزاع. بل إن الادارة تبيّنت أنها وقعت في ما حاولت تجنبه، فالخصم الروسي خاض اللعبة السورية ضدّها واستغلّ انكفاءها ليبني استراتيجية نفوذ لا تكتفي بسورية وإيران و «حزب الله» كبيادق سوداء عدوانية، ولا تبحث عن مجرد مكاسب ومصالح، بل ترغب في تحدّي هيبة أميركا والغرب وتريد انتصاراً ناجزاً وواضحاً في سورية يمسح آثار الإهانة الموصوفة في ليبيا. وما تلتقي عليه روسيا مع إيران اليوم هو شراكة في نزعة الهيمنة وتوسيع النفوذ على حساب أفول أميركي مكشوف، وعلى جثة سورية وعالم عربي متهالك.
لم يجد فلاديمير بوتين قبالته في بلفاست رئيساً أميركياً لديه استراتيجية يمكن أن تقلقه بشيء، بل على العكس سمع من اوباما رغبة في إقامة «شراكة استراتيجية». لِمَ لا، لكن بعد تصفية الحساب في سورية وتصفية الخلافات الدفاعية في أوروبا وإعادة تقاسم مناطق النفوذ في شرق أوروبا ووسط آسيا. وقبل ذلك مضى الرئيس الروسي إلى أقصى الفظاظة، بعد محادثاته مع رئيس الوزراء البريطاني. تحدث بسخرية المنتصر الذي يتنازل إذ يتصدّق على المهزومين بكونه لا يزال مستعدّاً لحل سياسي في سورية وحتى إشراكهم فيه. لعل انتشاء بوتين بنصرة نظامٍ سوري متشبّث بالروح السوفياتية أعاد إليه الحنين البروباغاندي فاستخدم مرّتين تلك الواقعة المعزولة، المقززة والمشينة، لمقاتل سوري يفاخر بأكل قلب الشخص الذي قتله، وسأل مضيفه ديفيد كاميرون: هل هؤلاء مَن تريدون تسليحهم؟ وكأن الكمّ الهائل من الجرائم الموثّقة التي ارتكبها «الشبيحة» شهادة ل «طهارة» التسليح الروسي والإيراني للنظام. من الواضح أن مواقف بوتين لا تنفكّ تترسّب «أيديولوجياً»، ولا يمكن الاعتماد عليه من أجل حل سياسي متوازن في سورية، فهو مع بشار الأسد قلباً وقالباً، وإذ يبدي تعجلاً للحل الآن فلأنه متيقن بأن المعادلة الميدانية التي كانت تستدعي تنازلات من النظام سابقاً غداة صدور «بيان جنيف» انقلبت لتصبح التنازلات متوقعة من المعارضة وبضغط من داعميها. أما التسليح لاستعادة معادلة ما قبل القصير، فهو لعبة لن يرفضها بوتين طالما أنها لا تكلّف روسيا بل تعني مزيداً من الصفقات النوعية لإبقاء التفوق الناري عند النظام.
في النهاية، خرج اوباما وبوتين من لقائهما كما دخلا، مختلفين على نقاط كثيرة بشأن سورية لكن متفقين على نقطتين: محاربة الإرهاب ودفع الطرفين السوريين إلى «جنيف 2». أما قضية الأسلحة الكيماوية، فأشار بوتين إلى وجوب «حمايتها»، ويبدو أن هذا هو ال «لا تنازل» الوحيد الذي قدّمه، وهو ليس تنازلاً، لأن أمر الرقابة على هذه الأسلحة حُسم سابقاً بين الدول الكبرى ولم يحترمه النظام، ولا روسيا، التي ترفض استخدام هذا الملف، سواء لإقحام مجلس الأمن فيه أو لتبرير تدخل خارجي. هل يُفهم من ذلك أن اللعبة متكافئة؟ ظاهرياً ربما بالنسبة إلى الولايات المتحدة، واقعياً لا بالنسبة إلى انعكاساتها على الشعب السوري. هل تواصل واشنطن السير في قطار المراجعات لسياساتها؟ لا شيء مؤكداً، إذ سبق أن قالت ولم تفعل، واليوم تقول مصادر الحلفاء: «سمعنا عن قرارات ولم يؤكدها أحد رسمياً». يعتقد الأميركيون أن المهم جلب النظام السوري إلى جنيف للتفاوض وبعدئذ يستطيعون ممارسة الضغوط، تماماً كما كانوا يقولون للفلسطينيين إن المهم جلب نتانياهو إلى التفاوض. لكن من سيأتي إلى جنيف ليس النظام، بل ممثلو حكومة يوظفها النظام واجهةً له، النظام هو القتلة، وهؤلاء سيواصلون القتل خلال التفاوض حتى لو أُعلن وقفٌ لإطلاق النار، تماماً كما كان الإسرائيليون يتوسعون في الاستيطان فيما هم يتفاوضون مع الفلسطينيين.
أما التكافؤ في جنيف، فيستلزم أحد أمرين: إما إعادة التوازن إلى المعادلة الميدانية، وهذا يفترض جولة قتالية لانتزاع بعض المواقع من قوات النظام، أو أن تتعهّد روسيا إلزام النظام تجميد عملياته وعدم السعي إلى حسم عسكري على افتراض أنها تستطيع ذلك أو تريده فعلاً، فمسودة ال «لا ورقة» التي قدمتها موسكو تحضيراً ل «جنيف 2» تشير إلى أنها تمثّل النظام فعلاً، بل استوحت «خطة الأسد» (خطاب دار الأوبرا) ومراحلها المطّاطة الشهيرة، وصاغتها في عناوين عريضة، فهي قالت حينذاك إنها تجد في «الخطة» أجزاء يمكن الأخذ بها، ومن ذلك مثلاً «وقف كل أشكال التدخل الخارجي» وعدم توفير الأسلحة «غير الشرعية» تمييزاً لها عن الأسلحة المخصصة للنظام. وتتجاوز موسكو في المسودة كونها عطّلت مجلس الأمن واستهزأت بتقارير مفوضي اللاجئين ومحققي لجنة حقوق الإنسان والأدلة المباشرة على استخدام السلاح الكيماوي، لتشدّد في مقدمتها على أن «جنيف 2» ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة، وتركز على مبادئه الأساسية («سيادة الدول» و «عدم التدخل في شؤونها» و «الامتناع عن استخدام القوة أو التهديد بها ضد أي منها» و «التسوية السلمية للنزاعات الدولية»)، لكنها تنسى، طالما أن هذا يناسبها، أنها احتقرت هذه المبادئ عندما سحقت الشيشان والتهمت الدول الصغيرة المجاورة، وتحتقرها الآن في سعيها الدائب إلى ابتلاع جورجيا وزعزعة مجمل دول القوقاز.
* كاتب وصحافي لبناني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.