وجّه تنظيم القاعدة رسالة ابتزاز جديدة للمملكة، عبر شريط فيديو جديد بث أمس الأول، مدته دقيقتان وخمسون ثانية، أملى فيه على الدبلوماسي السعودي المختطف في اليمن عبدالله الخالدي، مناشدة أسرته وأعمامه وأبناء عمومته وأبناء قبيلته بالخروج في مظاهرات والمطالبة بالإفراج عمن يقول تنظيم القاعدة الإرهابي إنهم مساجين، من النساء والشيوخ، محتجزين في سجون المملكة مقابل إطلاق سراحه. جاء ذلك بعد مقدمة هنأ فيها الدبلوماسي الخالدي أسرته فيها برمضان وبالعيد، مما يعطي دلالة على أن التسجيل يعود لفترة زمنية قديمة، وأن الخاطفين لا تهمهم المسألة الإنسانية بقدر ما يهمهم تحقيق أهدافهم حتى لو كان ذلك على حساب استغلال إنسان بريء، وابتزاز أسرته وأقاربه، كما اتضح من التسجيل أن الخالدي كان يتحدث تحت الإكراه، وهو ما ظهر جلياً من خلال نبرة صوته، وأن هناك من يملي عليه ما يقول. اللافت أن هذه الرسالة – بحسب رئيس مركز الخليج للأبحاث الدكتور عبدالعزيز بن عثمان بن صقر – اتخذت منحى آخر يعبر عن أسلوب جديد تنتهجه القاعدة في اليمن، وفيها محاولة لتغيير الموقف السعودي الثابت تجاه الإرهاب. وقال صقر «لو أنهم رأوا أن هناك حيلة لإجبار الحكومة السعودية على تنفيذ ما يريدونه لعملوها، ولكنها حيلة العاجز». وأكد أن «مطالبهم لن تنفذ، ولن تخضع الدولة لابتزازهم، إذ إن سياستها واضحة في هذا الاتجاه». وأضاف صقر: «يدرك المجتمع السعودي برمته أن الخالدي يقبع تحت تهديد من قبل تنظيم القاعدة، وأنه حتى في الشرع لا يؤاخذ إن قال أقواله حماية لنفسه ولدينه، وأنه يتحدث هكذا وهو مسلوب الحرية، وأن مثل هذا الكلام الذي يبثه يُملى عليه، ويعد استغلالاً واضحاً من قبل القاعدة لرجل بريء، ولو أن تنظيم القاعدة يريد الخير للخالدي ولأهله لأطلق سراحه ليذهب إلى أبنائه وأسرته. وليس بتجييش أسرته لمصلحة القاعدة عبر هذه النداءات التي لن تصدر بداهة من قبل رجل دولة ونائب قنصل، بل إن الابتزاز واضح فيها للعيان والخط المرسوم لها لا يمكن أن يصدر من رجل مثل الخالدي يعي تمام الوعي أن الإرهابيين الذين يقبعون في السجون هم تحت المحاكمات فبعضهم حكم عليه، وببراهين شرعية، والبعض الآخر ما زال تحت المحاكمة، فمن تثبت براءته يبرأ ومن تثبت إدانته يحكم عليه حسب ما يستوجبه العمل الذي قام به». ويعد ظهور الخالدي يوم أمس الأول، هو الرابع منذ اختطافه يوم 28 مارس/آذار 2012م، حيث تركزت الرسائل التي كان ينقلها عن تنظيم القاعدة حول إطلاق المساجين من الجنسين. وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قد بثت ما نصه «وجّه الدبلوماسي السعودي المخطوف لدى تنظيم القاعدة في اليمن نداء إلى قبيلته لممارسة الضغط على الحكومة السعودية من أجل تلبية مطالب خاطفيه، وذلك في شريط جديد نشر على الإنترنت». وظهر نائب القنصل السعودي في عدن عبدالله الخالدي المخطوف منذ حوالي 17 شهرا، ملتحيا ولابسا الثوب الأبيض التقليدي. وقامت «مؤسسة الملاحم»، الذراع الإعلامي للقاعدة، بنشر الفيديو في وقت متأخر من مساء الأحد. وطلب الخالدي من قبيلته في الفيديو الضغط على الحكومة السعودية لتلبية مطالب الخاطفين وأبرزها الإفراج عمن وصفهن التنظيم الإرهابي بالناشطات الإسلاميات السجينات. وكان إرهابيون من تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب خطفوا نائب القنصل السعودي عبدالله الخالدي في عدن بجنوبي اليمن من أمام منزله في 28 مارس 2012، أثناء ممارسته مهامه الوظيفية، وطالبوا بالإفراج عن متورطات بالإرهاب وبفدية مالية، مقابل الإفراج عنه. وبالرغم من تراجع قوة القاعدة في الأشهر الأخيرة، إلا أنها ما زالت تنشط في اليمن لاسيما في جنوبه وشرقه وتشن هجمات متفرقة ضد قوات الأمن والجيش. وكانت وزارة الداخلية السعودية قد كشفت في 17 أبريل 2012، عن تسجيل لمكالمة هاتفية جرت بين السفير السعودي علي الحمدان في صنعاء، ومشعل الشدوخي أحد المطلوبين للجهات الأمنية السعودية، الذي أعلن عن اسمه ضمن قائمة ال«85» في الثاني من فبراير (شباط) 2009، تمحورت حول إعلان «القاعدة في بلاد اليمن» مسؤوليتها عن اختطاف عبدالله الخالدي، نائب القنصل السعودي. واحتوى الاتصال الهاتفي المسجل على مطالب لإطلاق سراح الدبلوماسي السعودي. وتمحورت المطالب في نص المكالمات حول إطلاق جميع المسجونات في السجون السعودية، وإطلاق سراح جميع المعتقلين في سجون المباحث العامة، المتورطين في قضايا إرهاب.