أنا مثلك عزيزي القارئ، مجرد مواطن عربي ينتظر ماذا يقرر العالم بشأنه، كنت أحياناً أهرب من نشرات الأخبار إلى «نكت المحششين»، لكنني لم أعد «أتعاطى» تلك النكت بعدما قرأت تحذيراً لمكافحة المخدرات: «من ينشر أو يرسل النكت عن الحشيش والمحششين فكأنما يدعو لتعاطيها.. وعليه وزرها ومعلوم أن تعاطي الحشيش وترويجه وتهريبه محرم شرعاً. فالحذر ثم الحذر». أُوصِد باب «فيه محشش» الساخر، ولم يعد متاحاً إلا باب «الجنون» الذي يمارسه «طبيب العيون» في سوريا، ومن السخرية التي لم يتوصل لها «المحششون» أن تصنّف محاولة فهم تصرّف المجانين على أنها أمر «جدّي»، وهذا ما جعلني أتعاطف مع السيد أوباما في رحلاته (الأشبه بالجاهيّات على الطريقة العربية) وهو يحاول إقناع العالم أن تصرفات «المجنون» بشّار تصرفات مجنونة فعلاً! أوباما مازال يتعامل بديمقراطية «حالمة» ومتعقّلة ربما أكثر مما ينبغي، وقرار الحرب يحتاج لومضة جنون متهورة، لا سيّما أن الديمقراطية ذاتها تتيح للرئيس أن يتخذ قرار «الحرب» منفرداً، أي أن يكون مجنوناً في اللحظة المناسبة، أذكر أنني قرأتُ في رواية «خارج العالم» لسعود الصاعدي أن المجنون هو شخص تجاوز مرحلة العقل أي أصبح لا يفكر في الأشياء التي يفكر فيها الأصحاء باعتبارها أشياء بديهية، فعلى المُعالج النفسي أن يحاول أن ينزل بتفكير المجنون للحالة الطبيعية، وليس كما هو شائع بأن المجنون دون مستوى العقل، فمن هذه الرؤية نستطيع القول إن أوباما (عاقل أكثر مما ينبغي)، أي أنه يفكّر بمثالية تتجاوز الواقع بكثير، فالرئيس -حسب رويترز- (يناشد شعبه باستخدام القوة العسكرية ضد سوريا)، وأنا كعربي لا أُخفي زهوي بهذا التصريح لسببين، أولهما: أننا غزونا العالم الأول وأثرنا فيهم بمصطلحاتنا، ككلمة «يناشد» ذات العروق العربية وإن أتت بصورة لم نتعودها، فقد اعتدنا أن الشعوب هي من تناشد القادة، الأمر الثاني هو «متعلق» بالديمقراطية، فهي لا تظهر بكامل إنسانيتها إلا عندما يكون «العرب» طرفاً فيها، فما دام القاتل والمقتول عَرَبِيَّيْنِ، فقد «يفرط» أُوباما في استخدام «العقل» ويقرر عمل استبيان يشارك فيه كل الشعب الأمريكي والإسرائيلي، ومادام بشّار في أدنى درجات الجنون انتحاراً، وأوباما في أعلاها بُعداً، فسننتظر أن تمتلئ هذه الهوّة بينها بمزيد من الدماء، وسنظل نحن نتبادل «نكت المحششين» سرّاً بالتأكيد حتى يقرر المجانين أمراً!