الدمام – فاطمة آل دبيس «التربية» خالفت الأنظمة بدمج طلاب الصفوف الأولية في مدارس البنات.. ولم تُبلغ المدارس بإلغاء القرار. الشمري: المستثمرون لم يتوقعوا نقض طعن التربية.. وما أنفقوه للتنفيذ سيضيع هباء. الخنيزان: معلمات جميع المدارس الأجنبية والعالمية التزمن بتدريس البنين في مدارس البنات. إلغاء القرار سيُلحق كارثة بالمدارس والمعلمات.. و «التربية» لا تحتاج سنداً قانونياً لتطوير التعليم. مطلوب تصحيح أوضاع المدارس الأجنبية المتضررة من قرار الوزارة. سنلجأ إلى ديوان المظالم لتعويضنا عن الخسائر المحتملة. معظم مدارس البنات الأهلية حصلت على تراخيص من التربية لتدريس البنين. أوقعت وزارة التربية والتعليم مستثمرين في ورطة قد تلحق بهم أضراراً كبيرة، باعتماد قرار بدمج البنين في الصفوف الدنيا مع البنات في مدارس البنات والسماح للمعلمات بتدريسهم، ما اعتبرته المحكمة مخالفة صريحة للأنظمة، ونقضت الطعن المقدم من الوزارة بصدد منع هذا القرار، واصفة إياه بأنه طعن مَعيب. وإزاء هذا الوضع المشوش، وجد مستثمرون أنفسهم في مأزق، بعد أن خصصوا ميزانيات ضخمة لإنشاء مبانٍ تستوعب الطلاب البنين في مدارس البنات، في وقت لم تبلغهم فيه الوزارة بحكم المحكمة الإدارية. وكشفت مصادر مطلعة ل»الشرق» ما اعتبرته ورطة للمستثمرين، حيث أشارت إلى أن جميع المدارس الأجنبية والعالمية التزمت بقرار الوزارة بنسبة 100%، ما يعني أن خسائر إلغاء قرار الدمج ستكون مُوجعة وكارثية لهم. واستغربت المصادر لجوء الوزارة إلى قرار تعلم مسبقاً أنه مخالف تماماً للأنظمة وأنه في حكم المُلغى لأن القضاء الإداري لن يسمح به، ملوِّحين بأن على الوزارة الآن أن تتخذ قرارين مهمين؛ الأول هو أن تقوم «طوعاً» بتعويض المستثمرين في تلك المدارس عما سيلحق بهم من أضرار جراء إلغاء الدمج، أو سيلجأون إلى ديوان المظالم لمقاضاة الوزارة رسمياً بهدف التعويض. أما القرار الآخر فهو أن تسارع الوزارة بتصحيح أوضاع تلك المدارس والإعلان رسمياً عن وقف العمل بالقرار. مؤشرات إيجابية بدايةً يؤكد رئيس اللجنة الوطنية للتعليم العالمي والدولي في مجلس الغرف السعودية الدكتور منصور بن صالح الخنيزان، أن جميع المدارس الأجنبية والعالمية طبقت قرار إسناد تعليم الأطفال في الصفوف الأولية إلى المعلمات. وقال إن النتائج التي سُجلت بهذا الخصوص جاءت ممتازة من الناحيتين التربوية والعلمية، بل زاد إقبال الأسر السعودية بشكل لافت على مدارس التعليم العالمي ولم تواجه المدارس العالمية أي إشكالات في هذا الصدد، بل أسهمت بهذه الخطوة في إيجاد فرص عمل جديدة للمعلمات السعوديات. إلغاء القرار كارثة! وبيّن الخنيزان أن وزارة التربية والتعليم لم تبلغ المدارس العالمية بشكل رسمي بإلغاء قرار السماح بتدريس البنين في الفصول الدنيا بمدارس البنات، مشيراً إلى أنه لا يمكن العودة مرة أخرى إلى العمل بقرار الفصل في تدريس الفصول الدنيا، وإلا تسبَّب هذا الأمر في كارثة للمدارس، حيث تكيَّفت المدارس ورتَّبت أمورها وباشرت هذا العام بنفس الوضع، ولو صدر قرار جديد بالفصل فسيؤدي ذلك إلى حدوث كارثة حقيقية للمدارس والمعلمات السعوديات اللواتي تم تعيينهن. وقال في حال حدث ذلك فسيعود ملاك المدارس بالضرر على وزارة التربية والتعليم، وسنلجأ إلى ديوان المظالم لرفع الضرر والإبقاء على هذا القرار، فنحن مواطنون سعوديون سواء مستثمرين أو أولياء أمور أو معلمات. «التربية» لا تحتاج سنداً قانونياً ويرى الخنيزان أن الوزارة لا تحتاج إلى مستند قانوني عند إصدار أي قرار، فمرجعها الأساس هو الإشراف ومتابعة اللوائح المنظمة للعملية التربوية في المملكة، والتحقق من تنفيذ الأنظمة من قِبل المدارس سواء الحكومية أو الخاصة بشكليها الأهلي والعالمي. وقال إن على الوزارة مسؤولية تطوير أداء العملية التعليمية في المملكة، وهو ما يستدعى إعادة النظر في الأنظمة واللوائح المنظمة للعمل التربوي والتعليمي في كلا القطاعين، ومن ذلك سن أنظمة جديدة تراعي فيها الثوابت وضرورات التطوير، باعتبارها الوزارة المعنية بكل ذلك وأنها في ذلك تمارس صلاحياتها. وأضاف الخنيزان أن ديوان المظالم الذي أصدر قرار منع الاختلاط بين البنين والبنات في الصفوف الدنيا في المدارس، استند في نقضه إلى معارضة القرار الوزاري نظاماً عاماً بغض النظر عن دواعي باب سد الذرائع والتخوفات المتوقعة من قرار الوزارة، لأنها تنظر في الفصل في قرار إداري أنه يتعارض مع النظام. خسائر كبيرة من جهة أخرى، أوضح عضو لجنة التعليم الأهلي في غرفة المنطقة الشرقية الدكتور خالد الدعيلج الشمري، أن حكم ديوان المظالم الصادر من الدائرة الثانية في المحكمة الإدارية بالرياض في 27/2/1433ه، القاضي بمنع تدريس المعلمات لطلاب الصفوف الأولية في مدارس البنات، ستكون له تبعات كبيرة بالنسبة للمستثمرين في التعليم الأهلي، مبيناً أن عدداً من المدارس الأهلية استجابت لقرار موافقة وزارة التربية والتعليم على السماح بتدريس البنين في المراحل الدنيا في مدارس البنات، إلا أن المستثمرين لم يعلموا بأن وزارة التربية والتعليم لم تعتمد على أي مستند قانوني في قرارها، ولم يتوقعوا أيضاً أن هذا القرار يمكن الطعن فيه وإلغاؤه، ومن هذا المنطلق ستترتب على هذا القرار خسائر كبيرة لعدد ليس بالقليل من المدارس التي صرفت الملايين من أجل تخصيص مبانٍ إضافية تابعة لمدارس البنات حتى يتم تدريس طلاب الصفوف الأولية فيها. المستثمرون التزموا بالضوابط وبيّن الدعيلج أن معظم مدارس البنات الأهلية حصلت على ترخيص من وزارة التربية والتعليم للسماح لها بتعليم البنين، شريطة التزامها بضوابط معينة، لتتمكن من افتتاح الصفوف الأولية في مدارس البنات. وقال إن من هذه الضوابط منع اختلاط الطلاب والطالبات، ويقصد بهذا منع الاختلاط في الفصول والساحات. وقال إن المدارس الأهلية تطبق في الغالب هذه الضوابط فعلياً لمنع اختلاط البنين بالبنات، وعلى ذلك هيَّأ المستثمرون مدارسهم واستأجروا مباني أخرى ليتسنَّى لهم تطبيق القرار الذي أصدرته التربية. الإدارية: الطعن مَعيب وقال الدعيلج إن حكم المحكمة الإدارية ذكر وصفاً دقيقاً لقرار الوزارة بشأن الموافقة على تدريس المعلمات لطلاب الصفوف الأولية في مدارس البنات الأهلية، حيث وصف الحكم الصادر قرار الطعن بأنه «معيب بعيب مخالفة صريح النظام، وبذلك تكون الإدارة أخطأت باتخاذ ذلك القرار المجانب للصواب، إذ كان عليها أن تدرس تصرفاتها قبل صدورها من قِبل الإدارات النظامية المختصة، وبذلك يمكن تدارُك ما فيها من قصور وتقويم ما فيها من اعوجاج. قرار التربية مُخالف وكشف الدعيلج عن استناد المحكمة في حكمها الذي أصدرته إلى أن قرار وزارة التربية والتعليم خالف النظام لأسباب منها أن المادة (155) من سياسة التعليم في المملكة نصَّت على منع الاختلاط بين البنين والبنات في جميع مراحل التعليم، إلا في دور الحضانة ورياض الأطفال. كما نصَّت المادة (5/ه) من لائحة تنظيم المدارس الأهلية على أن المدرسة الأهلية يجب أن تضم أحد الجنسين فقط، ويُستثنى من ذلك رياض الأطفال وفقاً للنظم المتبعة في المدارس الحكومية. يُضاف إلى ما سبق خطاب رئيس اللجنة العليا لسياسة التعليم بالإنابة، بشأن طلب بعض المدارس الأهلية تولي النساء تعليم الأطفال من البنين دون سن الثامنة، حيث وجَّه بصرف النظر عن هذه الطلبات وعدم الاستجابة لها. سنلجأ إلى «المظالم» للتعويض واستغرب الدعيلح وضع التربية ضوابط لقرار هو في واقعه مخالف للنظام التعليمي في المملكة، بل وتحاسب مَن يخالف هذه الضوابط، إذ لا يكمن الإشكال هنا في الاختلاط بين الطلاب والطالبات فقط، وإنما يتمثل أيضاً في أن نظام التعليم في المملكة، المُلزم للوزارة ومسؤوليها كافة، يمنع منعاً باتاً تدريس المعلمات للطلاب فيما عدا رياض الأطفال. وبالتال، ينبغي على الوزارة أن تسارع بمنع تدريس المعلمات للبنين، وأن تعلن ذلك على جناح السرعة، وأن توضح لعموم المواطنين والمقيمين والمستثمرين أن نظام المملكة التعليمي يمنع تدريس النساء لطلاب الصفوف الأولية منعاً باتاً. ومن جهة أخرى، ينبغي على الوزارة تعويض المستثمرين عن الأضرار التي ستلحق بهم نتيجة لتنفيذ هذا الحكم القضائي، ومن المهم أن تبادر الوزارة إلى التعويض حتى لا يضطر الملاك إلى اللجوء إلى ديوان المظالم للحصول على ما يستحقونه من تعويضات مُجزية، ما يسبِّب هدراً لأوقات وجهود يحتاج الجميع إلى استثمارها لصالح التعليم، لا إلى هدرها في أروقة المحاكم. مطلوب تصحيح سريع للأوضاع وفي سياق متصل، طالب الدعيلج الوزارة بأن تتعاون مع المدارس التي قامت بتدريس طلاب الصفوف الأولية في مدارس البنات لتصحيح أوضاعها سريعاً، وبأقل الخسائر، حتى لا تتفاقم خسائرها المستقبلية، كما طالب الوزارة بأن لا تصرح لمدارس جديدة بتدريس البنين في مدارس البنات، حتى لا تزداد خسائر المستثمرين من جهة، ولكي لا يترسخ لدى بعضهم أن جهات حكومية تتجاوز الأنظمة المَرعية والأحكام القضائية، ما يُنذر بخلل خطير في المجتمع.