تضاربت التصريحات بين الدولتين في إيران، فالأولى وهي «عسكريّة سياسيّة» يقودها الحرس الثوري توخّت تهديد أمريكا من عواقب لا يُحمد عقباها في حال قادت الأخيرة حملة عسكريّة ضد سوريا، أما الثانية وهي «مدنيّة سياسيّة» ويرأسها «روحاني»، فترى أن الظروف بالغة الحساسيّة وتتحاشى إطلاق التصريحات الناريّة التي تعجز طهران عن تنفيذها وتحط من هيبتها ومكانتها إقليميّاً ودوليّاً. ففي حين هدّد قائد الحرس الثوري «جعفري» أن «الهجوم على سوريا سيجرّ المنطقة بأكملها إلى حرب مفتوحة»، طلب «رفسنجاني» رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام وبحضور «روحاني» من المتطرّفين غير ذوي الشأن، «تجنّب إبداء الرأي وإطلاق التصريحات في الشأن السوري نظراً لحساسيّة الظروف» مؤكداً تعميم التحذير على جميع القادة. وتحذير «رفسنجاني» بحضور «روحاني»، سيثير حفيظة دولة الحرس الموازية للدولة المدنيّة، ويحظى الحرس بالضوء الأخضر من قبل «خامنئي» للتدخّل في السياسة الداخليّة والخارجيّة والاقتصاد والتجارة إلى حد الهيمنة عليها في كثير من الحالات. وهذه الهيمنة تُعد مصدر ضعف الدولة الإيرانيّة وانقسامها وتشكّل أبرز معضلات حكومة «روحاني» حديثة العهد للانفتاح الخارجي وتحسين صورة إيران المشوّهة عالميّاً. ولم يحذّر «رفسنجاني» من «التصريحات غير المسؤولة» والتهديد لولا قناعته بعدم قدرة بلاده على تنفيذها، فحتى وإن كانت إيران تتسم بالصفاقة والبجاحة المفرطة إلا أنها تحتاج إلى الحفاظ على ما تبقّى من ماء الوجه للاستهلاك الداخلي وأمام المخدوعين بشعاراتها الواهية.