أغلقت القوات الأمنية العراقية منافذ المنطقة الخضراء بعد سلسلة تفجيرات شهدتها العاصمة بغداد أمس، وتعالت أصوات سيارات الإسعاف في جهات العاصمة الأربع وهي تلملم الجرحى وجثامين القتلى التي تحولت إلى أشلاء متناثرة بفعل الانفجارات الشديدة في مناطق حيوية. في الوقت نفسه، اتفقت كتل برلمانية على أهمية تقديم رئيس الحكومة نوري المالكي استقالته بعد الفشل الكبير في الحفاظ على ديمومة الهدوء الأمني. وعدَّ النائب عن القائمة العراقية، حيدر الملا، أن بقاء رئيس الحكومة في منصبه يهدد حياة العراقيين، وفيما طالب القوى السياسية العراقية ب «اتخاذ» موقف واضح من فشل المالكي في إدارة ملف الأمن، دعاها إلى العمل على سحب الثقة منه ل «تعديل مسار العملية السياسية». بدورها، اعتبرت كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري أن الأزمة السياسية الراهنة هي مع شخص المالكي، وفي حين قللت من إمكانية تمكنه من الفوز بولاية ثالثة، اتهمته ب «احتكار السلطة» واللجوء إلى أساليب «غير ديمقراطية» في المعركة الانتخابية، فضلاً عن السعي إلى «إسقاط منافسيه أو حرقهم». من جانبه، دعا الأمين العام لحزب المؤتمر الوطني العراقي النائب عن التحالف الوطني، أحمد الجلبي، رئيس الوزراء إلى تقديم استقالته «حفاظاً على العملية السياسية». وخاطب الجلبي، في بيانٍ نُشِرَ في موقعه على صفحة التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، المالكي بالقول «ربما تكون أنت مقيداً، لهذا ندعوك، إذا كانت دماء العراقيين غالية لديك، أن تستقيل وألاَّ تكون عبداً للمنصب». وأضاف الجلبي «إن توزيع الأراضي أو المبالغ النقدية أو الإنجازات الوهمية لن تفلح في تغيير الصورة التي رُسِمَت الآن بدماء الأبرياء، لهذا لا يوجد حل غير تركك القيادة الآن»، وتابع «كلنا نعرف، لقد وصلت إلى مرحلة لا يمكنك ترك المنصب ولو كان هناك ألف قتيل يومياً، ولن تكتفي بدورة ثالثة ورابعة بسبب مرض الكرسي الذي أصاب قبلك كثيرين». تعزيز الثقة من جهتها، طالبت مجموعة الأزمات الدولية، ومقرها العاصمة البلجيكية بروكسل، قادة العرب السنة في العراق وحكومة نوري المالكي بتركيز الجهود على عملية تعزيز الثقة في العملية السياسية قبل وخلال الانتخابات المزمع إجراؤها العام المقبل في العراق. وفي آخر تقرير لها أصدرته أمس الخميس حول العلاقة بين العرب السنة والحكومة في العراق، قالت المجموعة إن نشر القطعات العسكرية والقوات الخاصة وتكثيف حملات الدهم والاعتقالات لن يؤديا إلى التهدئة، بل سيتعزز الانفصام الحاصل بين العرب السنة والحكومة المركزية في بغداد. أمنياً، اتهمت وزارة الداخلية العراقية أمس تنظيم القاعدة بالوقوف وراء التفجيرات التي شهدتها العاصمة بغداد التي راح ضحيتها العشرات من القتلى والجرحى، وفيما اعترفت الوزارة بأن شوارع العراق أصبحت «ساحة حرب» وأن «المسلحين يتحركون فيها كالأشباح»، أكدت أن هذا «قدر العراقيين للظفر بهذه المعركة». وقالت الوزارة في بيانٍ لها إن «تنظيم القاعدة الإرهابي نفذ هجمات بالسيارات المفخخة في مراكز التجمعات السكانية في بعض أحياء بغداد، وإن هذه الهجمات جاءت في سياق الحرب الجارية بين القوى الأمنية والعسكرية العراقية وبين تنظيم الإرهاب الدولي». 100 قتيلٍ وجريح وفي حصيلةٍ أولية أعدتها «الشرق»، أدى انفجار 13 سيارة مفخخة إلى أكثر من 100 قتيل وجريح. وقُتِلَ شخص واحد وأصيب ثمانية أشخاص في تفجير داخل مرآب قناة فضائية تابعة لما يُعرَف ب «عصائب أهل الحق» شرقي بغداد. ويجاور المرآب تقاطع مرور الرصافة، حيث لقي 3 حتفهم على الأقل، وأصيب 5 بجروح خطيرة، بالإضافة إلى تضرر أكثر من 15 سيارة، فيما قُتِلَ وأصيب 28 شخصاً بتفجير سيارتين مفخختين في الكاظمية، وقتل شخص وأصيب 14 شخصاً في انفجار سيارة مفخخة بالشرطة الخامسة جنوب غربي بغداد، وقُتِلَ شخصان وأصيب عشرة آخرون في انفجار سيارة مفخخة كانت في الشارع المؤدي من القناة إلى مدينة الرشاد شرقي بغداد، وقُتِلَ وأصيب 17 شخصاً في انفجار سيارة مفخخة في باب المعظم، وقُتِلَ وأصيب 16 شخصاً في انفجار سيارة مفخخة في علاوي الحلة وسط بغداد. وفي حي العامل لم يكن الأمر مختلفاً، حيث قُتِلَ أربعة أشخاص وأصيب سبعة آخرون في انفجار سيارة مفخخة في شارع 30، حيث كانت السيارة موجودة إلى جانب الطريق، وانفجرت على مجموعة مدنيين لقوا حتفهم فوراً، بينما أصيب الآخرون بجروح خطيرة، واستهدفت منطقة الحسينية بانفجار سيارة مفخخة، أسفر عن مقتل مدنيين اثنين، وإصابة ستة آخرين. وسُمِعَت أصوات دوي ثلاثة انفجارات في منطقة الكرادة التجارية المزدحمة، فيما ضرب انفجاران منطقة العامرية في بغداد، دون أن توضح المصادر حصيلة الضحايا. وعزت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي تدهور الوضع الأمني في البلاد إلى عدم الاستقرار السياسي وعدم كفاءة الأجهزة الأمنية وضعف الجهد الاستخباري الميداني، فيما دعت الحكومة إلى دعم المنظومة الأمنية ب «أجهزة حديثة ومتطورة للكشف عن الإرهابيين». لكن رئيس الوزراء شدد في كلمته الأسبوعية للشعب على أن بلده يواجه صراعاً بين إرادتين «إرادة مدعومة من قوى ضلال محلية وإقليمية، وإرادة وطنية تريد أن تبني، وتلك تريد أن تهدم وتخرب وتقتل لإجهاض العملية السياسية».