شديد الغيرة، شديد الدقة، شديد المهنية: لا أحد يستطيع أن يدافع عن المنهج العلمي بأفضل مما يفعله حالياً الدكتور حمزة المزيني! والحقيقة أنه لا يضاهي الإعجاب الذي حصده المزيني خلال الأشهر القليلة الماضية أي إعجاب آخر على مستوى الكتاب الصحفيين في المملكة. لكن «أستاذ اللسانيات»، والمترجم الشهير، يواجه، في المقابل، انتقادات وهجمات متكررة! وتُعد مقالته الأسبوعية في «الشرق» واحدة من أكثر المقالات قراءة في الصحافة المحلية، ونموذجاً للكتابة الموثقة وذات المنهجية العلمية. وبعد سلسلة مقالاته الشهيرة عن الجامعات المزيفة والدكاترة الوهميين في المملكة، فإن اسم المزيني، في الوسائط الحديثة على شبكة الإنترنت، صار «وسماً» للضمير والمنهجية العلمية! بل إن هناك من الأكاديميين الغيورين مَن قال إن هذه المقالات «يجب تدريسها لجميع طلبة الدراسات العليا في المملكة»! ويمكن اعتبار المزيني واحداً من أكثر الكتاب السعوديين الذين خاضوا في الحوار مع مخالفيهم في الرأي، وهو يولي احتراماً كبيراً للنقد، ولا يتردد في النقاش العلمي. وحتى في مقالته الأسبوعية المثيرة للجدل، فإنه لا يكتفي بنشرها على صفحات الجريدة، بل إنه يوجَد مع قرائه، على موقع «الشرق» في الإنترنت؛ وتجده، يوم النشر، واقفاً على مدار الساعة، يحاورهم، ويجيب عن تساؤلاتهم، ويتجادل معهم، ليقدم لنا مثالاً رائعاً ل «الكاتب» الذي لا ينتهي دوره بمجرد النشر، بل إن دوره الحقيقي في الحوار وتبادل التأثير لا يكتمل إلا بعد النشر! لقد أتمَّ المزيني عمله الكتابي، وأصبح واحداً من أكثر الكتاب فعالية، وكل ذلك جرى بمنتهى السهولة: «ما أكتبه يمكن أن يكتبه أي واحد يمتلك ضميراً وأنهى درساً واحداً في المنهجية العلمية»! إنه نموذج للكاتب الذي يعي واقعه ويحدد دوره في تبديل هذا الواقع، وهذا النموذج وحده الذي يبقى عبر التاريخ، أما «النماذج الخفية» والمُعلنة من «الكتاب المزيفين»، و «الدكاترة الوهميين»، فتتحول إلى حطام!