حسن علي آل جميعان واهمٌ من يعتقد أن الحرية تجترّ الناس إلى حالة غير سوية تتسم بالفوضى والانفلات، الحرية هي اكتشاف الفرد ذاته وتحقيق الحياة الخيرة التي يسعى لها البشر، وليست تلك الحياة الشريرة التي يتصورها بعضهم، أعتقد أن تخوف بعض الأفراد من البشر منها هو بسبب الفهم والتصور الخاطئ الذي كونوه عن الحرية واعتقدوا أنها «نار ملتهبة تأكل الأخضر واليابس»، من هنا تشكلت الصورة النمطية البعيدة كل البعد عن واقع الحرية التي يتمتع بها العالم ومدى انعكاسها على سلوكهم وتصرفاتهم ونظرتهم إلى الحياة وإلى بني البشر. من يعتقد أن الحرية هي حالة من الفوضى لو فتشت عن الفكرة التي ينطلق منها لوجدت أن نظرته إلى الناس والعالم نظرة سلبية، ستجد أن عنصر الشر كامن في تلك النظرة، حيث فلسفتها أن الناس بطبعهم أشرار لا ينفع معهم إلا القسوة والشدة. أما الطرف الآخر الذي يرى أن الحرية حياة، فستجد فلسفتهم ونظرتهم تجاه الحرية ومن يمارسها مختلفة تماماً، لأنهم يعتقدون أن هذا العالم ومن يعيش فيه من البشر أخيار بطبعهم وليسوا كما يتصور الطرف الأول الذي يصفه الدكتور عبدالكريم سروش ب «الإنسان الكسول الذي لا يرتاح لثقل المسؤولية والحرية» من كتاب (العقل والحرية). لذلك فإن المجتمعات التي تتمتع بالحرية وتمارسها هي مجتمعات اكتشفت أنه لا يمكن أن تجعل مجتمعاً يتمتع بالخير والصلاح والطموح إلا عندما تفسح له المجال حتى يكون حراً. وإتاحة القدرة للناس في تطوير ذلك المجتمع الذي ينتمون إليه وتحديد هوية مستقبلهم الذي يرغبون في تحقيقه والعيش فيه، لأنهم هم ملاك لهذه الأرض التي تسمى «وطناً». لو قارنا بين المجتمعات التي تتمتع بالحرية والمجتمعات المقيدة للحرية نجد أن وضع تلك المجتمعات المانحة للحرية أفضل بكثير جداً من التي تمنع وتصادر الحرية على مواطنيها ورعاياها. ويشير جون ستيوارت ميل في كتابه (عن الحرية) إلى ازدواجية بعض المجتمعات تجاه الحرية، حيث يقول: «لاحظت سابقاً أن الحرية، ونتيجة لغياب أي مبادئ عامة معترف بها، كثيراً ما تُمنح حيث ينبغي أن تُحجب، وتُحجب حيث ينبغي أن تُمنح». وغياب مبادئ الحرية يؤدي إلى كوارث اجتماعية كبيرة نتيجة غيابها ومصادرتها أو وجودها في مكان ومنعها في آخر. وعليه؛ فالحرية حياة كريمة صالحة لأي أمة ترغب في إيجاد أناس أحرار أسوياء يحبون أوطانهم ومجتمعاتهم ويتمتعون باستقلالية في سلوكهم وممارساتهم وفق قانون ضابط لهذه الحرية حتى لا تصل إلى مرحلة الانفلات والفوضى.