خرج من العمل الثقافي المحلي بسبب «أحلامه الكبيرة»، لكن «حلما صغيرا» قاده لصناعة واحد من أنجح المشاريع الثقافية العربية في عصر الوسائط الحديثة! القاص والصحافي جبير المليحان، هو مؤسس شبكة القصة العربية، أول مشروع ثقافي عربي من نوعه على شبكة الإنترنت، ويصرف عليه من ماله الخاص، ويؤمن تماما بأن مشروعه هو، بشكل أو بآخر، جامعة ثقافية عربية تتخطى الحدود! وعلى مدى الأربعين عاما الماضية، تخللتها فترة صمت لم تدم طويلا، كان المليحان واحدا من أبرز المبدعين الذين انشغلوا بالهم الثقافي والإبداعي، وحسب مراقبين في الساحة المحلية، فإن نادي الشرقية الأدبي عاش أزهى فتراته مع المليحان. لكن حين اكتشف هذا المبدع المتمرد أن المرحلة المقبلة لن تتسع ل«أحلامه»، فقد آثر الاستقالة هو وجميع مجلس إدارة النادي! أما مشروعه «الفريد»، في شبكة القصة العربية، فقد بدأ قبل دخوله النادي بوقت طويل: «كان حلما صغيرا، وكانت رسالة هذا المشروع تتلخص في إنشاء مشروع ثقافي معرفي عربي لجميع الأقلام الحرة في أي مكان. وتطوير آفاق الكتابة الأدبية عامة، والسردية بشكل خاص، وتنويع تقنياتها» ورغم أن «المؤسس» هو الداعم الوحيد، إلا أن الشبكة استطاعت أن تتوسع بشكل يدعو للفرح، فقد أصبح لها جريدة ومنتديات إلكترونية متنوعة، وإصدارات مطبوعة، وفي الخطة القادمة تنظيم مؤتمرات في العالم الواقعي! هل لا يزال جبير يحلم بالمزيد؟ طبعا نعم. وكل ما يقوله هذا المسكون بالأمل هو امتداد ل الحلم الصغير: «شبكة القصة العربية ماضية في تطوير مشروعها الثقافي، وتخطط لمشاريع أخرى تتعلق بالثقافة والأدب». وعندما يتعلق الأمر ب«القاص» جبير المليحان، فإنه يمتلك تجربة قصصية تعد واحدة من التجارب المؤسسة بشكل جدي لفن القصة في المملكة، وهو أحد القصاصين الذين أسسوا خطا معينا في كتابة القصة القصيرة، ويرى كثيرون أنه أجمل من كتب للطفل. ورغم أنه قطع مشوارا طويلا من مشروعه الروائي، إلا أن غزو صدام للكويت عام 1990، الذي «كان حدثا يفوق الخيال، وفي لحظة رفض أو غضب مزقت ماكتبت»، رغم أنه أنجز أجزاء كثيرة من المشروع الذي «ينطلق من تفاصيل يتداخل فيها الواقع والأسطورة و..الحلم»! الحلم مرة أخرى؟ نعم جبير المليحان أفضل من يكتب عن «الأحلام»، لكنها أفضل من ينتقم منه: أخرجت الإداري الناجح من المشهد، ومزقت الرواية الموعودة بجمال لايوصف!