لم يكن بوسعي سوى أن أصرخ: يا أهل الخير والدموع تنهمر من عيوني، وذلك أمام مشاهد ووقائع اللاجئين السوريين في لبنان. قمت بزيارة إلى مدينة طرابلس وكنت أبحث عن أحد أصدقائي وقد علمت أنه لجأ مع أسرته وطفليه المعاقين إلى شمال لبنان. لم أصدق ما شاهدته، ولا أريد أن أصدق أبداً. رجال يبكون من ضيق ذات اليد، ينتظرون لقمة أطفالهم من المساعدات الأهلية الشحيحة، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها. أطفال مرضى ولا سبيل لعلاجهم، نساء حوامل لا يدرين في أي شهر أو أي أسبوع حملن، أزواجهن مع الثوار أو مفقودون أو في سجون النظام السوري. مآوٍ لا تصلح حتى حظائر للمواشي، مياه ملوثة مضطرون لاستخدامها للشرب والطبخ والاستحمام الذي نادراً ما يحصل. وصلت إلى المكان الذي يعيش فيه صديقي يا ويلتي من عزيز قوم ذل! من رجل كان يزبد ويرعد ويساعد القاصي والداني بشهامة وكرم وأخلاق واقتدار إلى رجل يبكي عندما يراني ويجهش بالبكاء لضيق ذات اليد، لم يطلب مني شيئاً لكنه قال: اسأل أهل الخير إذا كان من أحد يريد إرسال أموال الزكاة أو الفطرة.. وعاد للبكاء، لم أستطِع أن أوقفه ولم أستطِع أن أحبس دموعي إلا بعد أن تعبنا سوياً من البكاء. تعبنا سوياً من الأمل والدور المفقود للدولة اللبنانية، تعبنا من حزننا لكننا لم نتعب من دورنا في الحياة والثورة والقضية التي نحملها.