هي لحظة خاصة جداً بالنسبة للمنطقة لأن الفلسطينيين والإسرائيليين قرروا استئناف مفاوضات السلام بعد توقفٍ بدأ في سبتمبر 2010 بسبب الاعتراض على سياسات الاستيطان في الضفة الغربية، والقدس الشرقية. الانطلاقة واعدة من وجهة نظر الرئيس الأمريكي أوباما، ولكنها تبدو «هشة» لكل مراقب، لماذا؟ لأن حركة حماس، التي تحكم قطاع غزة، تصر على اعتبار قبول الجانب الفلسطيني العودة إلى آلية التفاوض تفرداً من قِبَل السلطة في رام الله بالقرار الوطني. في المقابل يُجابَه قرار الحكومة الإسرائيلية بالموافقة على إطلاق سراح 104 أسرى فلسطينيين معتقلين قبل العام 1993 «أسرى ما قبل أوسلو» بمواقف رافضة في إسرائيل. فيكفي أن نعرف أن صحيفة «يديعوت أحرانوت» عنونت صفحتها الأولى أمس بعبارة «سيُطلَق سراح المجرمين»، وهو نفس موقف «معاريف» التي اعتبرت أن «الحكومة الإسرائيلية اختارت كالعادة أسوأ الحلول» قائلةً: إن من بين الذين سيُفرَج عنهم أشخاص أدينوا بقتل نساء وأطفال إسرائيليين. عملية التفاوض ستكون صعبة، كما يصفها وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، الذي حث الطرفين على الوصول إلى ما سمّاه «تسوية معقولة». الفلسطينيون دخلوا المفاوضات هذه المرة بعد محاولات أمريكية، استغرقت وقتاً طويلاً لإقناعهم بهذه الخطوة، وهم يعتقدون أن «السلام ممكن»، ولكنهم يتخوفون من أن تتحطم رؤيتهم على صخرة التعنت الإسرائيلي، ومعيار الحكم على النيات الإسرائيلية هو موقفها من حدود يونيو 1967. الجانب الفلسطيني أيضاً يواجه صعوبات داخلية لأن أصواتاً فلسطينية ترفض استئناف المفاوضات، هذه الأصوات من الصعب إخفاضها، وهي ترى أنه لا طائل من هذه العملية، وبالتالي لا يمكن إغفال دور هذه المجموعات. باختصار، لا يعوِّل الفلسطينيون كثيرا على العودة إلى المفاوضات لأن تجاربهم السابقة سلبية، ولأن الوسيط الأمريكي دائما ما يخذلهم بانحيازه إلى الإسرائيليين، ولكن يبدو أن السلطة لم تجد خياراً آخر.