طالما أثار استغرابي واستنكار كثير من أبناء الوطن استمرار ارتفاع أغلبية السلع الأساسية المدعومة من الحكومة الذي يكلف خزينة الدولة مليارات الريالات السنوية بهدف تخفيف الأعباء المعيشية عن المواطن وخصوصا ذوي الدخل المحدود، إلا أنه يبدو أن هناك أسبابا عديدة منها الخارجية، ولكن أغلبها داخلية، التي حالت دون تحقيق ذلك من قبل تجارنا. في الأسبوع الماضي ذهبت إلى أحد بنوكنا المحلية والمنتشرة فروعها في كل مدينة وقرية، وجلست في انتظار دوري، وبسبب طول فترة الانتظار قمت بالتقاط أحد الكتيبات التي تم وضعها على الطاولة في صالة الانتظار لعل المراجع يقرأها فيقع في حبال تلك القروض والخدمات المندرجة تحت مسمى (المصرفية الإسلامية) قرأت الكتيب، فهالني ماقرأت.. حقاً فالبنك وبكل جرأة يشرح كيف تتم عملية التمويل (الإسلامي) بالسلع المحلية لغرض الحصول على قرض. ثم يوضح سبب اختياره السلع المحلية لكونها من السلع التى يجري فيها التبادل يومياً في السوق السعودية وبذلك يسهل على العميل إعادة بيع ما اشتراه بيسر وسهولة بفرق بسيط بين سعر البيع والشراء، وضرب مثلاً بالسلع المحلية (الأرز)!! ويختتم ذلك الكتيب بذكر أسماء الهيئة الشرعية باستقلالية تامة. أظن ولا أجزم بأن مشايخنا لا يبتغون إلا الأجر في ذلك، وإلا كيف أصبح الأرز سلعة محلية علما بأن الدولة أوقفت زراعة الحبوب منذ سنوات، وتستورده من مختلف دول العالم، ولكن ما هالني أيضا كيف سمحت مؤسسة النقد بالمضاربة في سلعة مدعومةً من قبل الحكومة وتكلف الخزينة الميارات؟!! وكيف تتم المضاربة على السلعة بمفهوم العرض والطلب غير الحقيقي. ما يؤدي إلى ارتفاع سعرها بشكل مستمر؟! ذلك أن المشتري لايقصد شراء السلعة بذاتها بل بيعها للحصول على السيولة النقدية، فالموردون يحققون أرباحا مضاعفة من جهتين، الأولى: بيعهم السلعة عبر محلات الجملة والتجزئة وكذلك عبر فرق هامش الربح من خلال مضاربة البنوك على الأرز. فالمقترض يبيع بأقل من سعر شرائه، وبالتأكيد لن «يبسط» بأكياس الأرز في الشارع لبيعها إلى نفس التاجر الذي قام ببيع السلعة هذا إن سلمنا بصحة ماذكره البنك أن العميل بإمكانه تسلم السلعة من المورد مباشرة. السؤال هنا.. أين وزارة المالية وما دورها وموقفها؟؟؟ وهي ترى أن دعم الحكومة يذهب إلى جيوب التجار، وليس لتخفيف الأعباء المعيشية عن الموطنين؟!! أين دور وزارة التجارة؟!! وما هو موقفها وهي الجهة المسؤولة عن استقرار السلع الرئيسية المدعومه؟!! بل وأين هي من التلاعب في الأوزان من قبل التجار حيث إن كيس الأرز المكتوب عليه وزن 45 كيلو.. في الحقيقه يزن 42 كيلو أو أقل، وأين دور جمعية حماية المستهلك التي مازلنا نسمع جعجعتها ولم نر شيئا؟! وأين غاب التنسيق المفترض بين تلك الجهات؟ وأين مجلس الشورى!! وما دورهم في ذلك؟. ألا توجد سلع أخرى يمكن المضاربة بها بعيداً عن غذاء وقوت المواطنين المدعوم حكومياً؟ أوجه حديثي إلى هيئات بنوكنا الشرعية، أن يتقوا الله فينا، وإن كنتم مصرين على المضاربة بسلعنا الغذائية فعلى الأقل ضاربوا (بالكافيار) وأعدكم إذا حدث وقمت بالاقتراض… سأهدي علبا من الكافيار المختوم بالسلك الذهبي الفاخر لأعضاء هيئة البنك!