«إذا جاءكم من ترضون دينه وخُلقه فزوجوه» كان هذا قول نبي الأمة -عليه أفضل الصلوات الطيبات- لتوجيه الأهالي فيما يتعلق باختيار الأحق والأمثل والأنسب من الرجال لبناتهم المتوشحات بالعفاف. ولابد أن يكون ميزان الأخلاق السامية والسمات الراقية حاضراً، حينما يتقدم الرجل لخطبة أي فتاة حتى يتبين الصالح من الطالح. لكن ماذا تقول فيمن يختبئ خلف أقنعة التصنع والوجوه الزائفة، ويظهرون بمظهر الفرسان قبل الزواج، ويا للعجب وكل العجب لما يظهرونه بعد الزواج من انتهاكات واضحة لأبسط قواعد الحياة الزوجية وهي التآلف والتفاهم والمحبة.. فتتكشر أنيابهم كوحوش خرافية وتسقط عنهم أقنعة الإنسانية التي تسللت بلطف خادعة الجميع. إن الزواج حتى يكون مباركا ناجحا مرصَّعا بألماسات المودة والرحمة، لابد من توافر أساسيات مؤسسة من كلا الطرفين، فللصدق والصراحة دور كبير لتجاوز عقبات عدة قد تعترض حياة أي زوجين.. لكن فكيف يكون ذلك والكذب كان هو المدخل لهذا الزواج، حتما ستتقشعر الأبدان من زوال بريق تلك الحلي التي تزين بها وتتصدع جدران تلك السرايا التي دخل إليها. بقي لنا أن نعرف ما نتيجة ونهاية هذه التمثيلية البغيضة التي كانت؟ على الصعيد الأسري: مشاحنات ومباغضات وبيئة مهددة للاستقرار وتشوه في نفسية الأبناء. أما على صعيد الزوجة، فحواء خُلقت من ضلع زوجها، فإذا انكسرت رحمة الزوج انكسرت معها وذهب الأمان فلا صفاء بعدها ولا هناء. وعلى صعيد المجتمع: تزايد نسبة المطلقات بصورة كبيرة لدرجة تجعل الأسر تتردد ألف مرة قبل تزويج بناتها خوفا من تلك الأقنعة الزائفة. إن الشخصية الواضحة، التي تظهر علاتها وحسناتها على حد سواء، أفضل من تلك المتمترسة خلف الستار، وتعطي الآخرين الفرصة لقبولها أو رفضها.. فسقوط الأقنعة قبل الزواج أهون وأفضل بكثير من سقوطها بعده.