شدد الباحث في معالم المدينةالمنورة التاريخية عبدالله الشنقيطي، على أن لصدع جبل أحد علاقة بغزوة أحد، نافيا ما تردد مؤخرا من أنه ليس على علاقة بالغزوة، أو أنه لم يرد ذكر إليه في أحداثها. عبدالله الشنقيطي وقال الشنقيطي في حديث ل»الشرق»، إن الصدع (اصطلح الناس على تسميته ب»الغار») يقع في صخرة هي عبارة عن عرق ممتد من الوجه الجنوبي لجبل أحد يقع على الجانب الشرقي من شعب أحد (شعب الجرار)، التي شهدت الأحداث الأخيرة من معركة أحد. وأوضح أنه «بعد أن انهزم المسلمون، بسبب مخالفة كتيبة الرماة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، بأن لا يتركوا موقعهم مهما كانت ظروف سير المعركة»، فلما خالفوا الأمر، هجم المشركون على جيش المسلمين من الخلف، «فتشتت جمعهم، ولم يثبت مع النبي صلى الله عليه وسلم سوى نفر قليل من المهاجرين والأنصار اللذين أوفوا ما عاهدوا الله عليه، وبعد أن كاد المشركون أن يخلصوا إلى رسول الله فضربه ابن قمئة، لعنه الله، على عاتقه بالسيف وسقط في إحدى الحفر التي حفرها الفاسق، وأصيب وجهه الشريف، وثلمت رباعيته، وكلُمت شفته ووجنته، وجرحت ركبته، والصحابة اللذين ثبتوا معه يذبون عنه، ويقاتلون دونه حتى أجهضوا عنه العدو». وأضاف: «كان الرسول ومن حوله يقاتلون وظهورهم إلى جبل أحد حتى لا يطوقهم العدو، وعندما أراد الرسول أن يصعد إلى الصخرة ويكون في مأمن من تناول العدو، لم يستطع فرفعه طلحة بن عبيدالله رضي الله عنه حتى استوى على الصخرة». واستدل الشنقيطي على ذلك بقول ابن إسحاق عن هذه الحادثة في السيرة النبوية: «ونهض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصخرة من الجبل ليعلوها، وكان قد بَدّن (ضعف) رسول الله، وظاهر بين درعين، فلما ذهب لينهض صلى الله عليه وسلم لم يستطع، فجلس تحته طلحة بن عبيدالله، فنهض به، حتى استوى عليها…». وبين أن هذه الرواية مذكورة في كل كتب السيرة، وفي عدد كبير من الأحاديث وكتب السنن، مشيرا إلى أنه «لما استوى النبي صلى الله عليه وسلم، على الصخرة، أصبح مكشوفاً لسهام المشركين ورماتهم، وهم قريبون منه جداً، فاستتر عنهم بهذا الصدع»، الذي ما زال ماثلاً أمامنا، «شاهداً على ما نال الرسول صلى الله عليه وسلم من أذى المشركين». وأكد الشنقيطي «استتار الرسول صلى الله عليه وسلم، بهذا الصدع»، بما ورد في كتاب جامع الأحاديث للسيوطي من حديث أخرجه ابن عساكر يقول فيه: «عن طلحة بن عبيدالله قال: لما كان يوم أحد حملت النبي صلى الله عليه وسلم على عنقي حتى وضعته على الصخرة، فاستتر بها عن المشركين، فقال لي هكذا وأومأ بيده إلى وراء ظهره، هذا جبريل يخبرني أنه لا يراك يوم القيامة في هول إلا أنقذك منه». وأوضح أن المؤرخين اللذين تحدثوا «عن الغار، وأن النبي صلى الله عليه و سلم لم يصل إليه فالظاهر أنهم يعنون غاراً هناك بعيداً فوق المهراس»، مشيرا إلى أن السمهودي قال «والغار بأحد فوق المهراس»، لافتا إلى أن هناك رواية لأحمد: «وجال المسلمون جولة نحو الجبل، ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار، وإنما كان تحت المهراس، … ثم ذكر إقبال النبي صلى الله عليه وسلم إليهم». وبين هذا الحديث ورد أيضاً في المستدرك للحاكم في حديث صحيح على شرط مسلم. وفي مغازي موسى بن عقبة «إن الناس أصعدوا في الشعب وثبّت الله نبيه وهو يدعوهم في أخراهم إلى قريب من المهراس في الشعب ثم ذكر إصعاد النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم»، منوها بأن معنى هذه النصوص أن «الغار، الذي ينفي المؤرخون أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل فيه، يقع فوق المهراس في جوف جبل أحد»، والصدع الذي نتحدث عنه تحت المهراس في فم الشعب، كما هو معروف الآن ومشاهد، ولذلك فهم السمهودي قول ابن عباس «إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يدخل الغار بأحد»، أن مقتضى ذلك أن الغار بعد المهراس. واختتم الباحث في معالم المدينةالمنورة التاريخية حديثه بقوله: «نستدل من كل ذلك أن صعود النبي صلى الله عليه وسلم الصخرة يوم أحد ثابت، واستتاره بها ثابت في السيرة النبوية والأحاديث الشريفة، وأن المقصود بالغار الذي لم يدخله النبي صلى الله عليه وسلم عند المؤرخين هو غار فوق المهراس وليس هو الصدع الموجود في الصخرة الواقعة أسفل منه، ويقع تحتها مباشرة المسجد الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر جالساً بسبب جراحه وصلى معه المسلمون جلوساً»، مطالبا بوجوب المحافظة عليه وإبقاؤه على وضعه الطبيعي الذي كان عليه واتخاذ كافة الوسائل التي تحميه من الاعتداء عليه، وأن يكون هناك من يعلم الزوار الطريقة الصحيحة لزيارة المشاهد الإسلامية، ومن يشرح لهم على الطبيعة أحداث الغزوة، «وهذا هو الذي ينبغي أن يكون عليه العمل دون إفراط أو تفريط».