أفاد نائب الرئيس للآثار والمتاحف الدكتور علي إبراهيم الغبان أن الاعتداء على الموقع الأثري المعروف بعين “الكعيبة” بالقطيف يعد اعتداءً على أثر واضح المعالم فوق سطح الأرض، ومخالفة صريحة لنظام الآثار الصادر بالأمر الملكي رقم م / 26 والصادرة 1392ه. وعلى فور علم الهيئة بأمر التعدي على هذا الموقع الأثري، وجه صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار بسرعة التواصل مع إمارة المنطقة الشرقية لاتخاذ إجراءات حازمة ضد المتسببين، وإلزامهم بحفر العين وإعادة بنائها على ما كانت عليه من قبل، حيث يوجد للموقع توثيق سابق أعدته الهيئة بهدف تأهيله والاستفادة منه، كما ستقوم الهيئة بإحالة قضية التعدي إلى لجنة النظر في قضايا الآثار لاتخاذ العقوبات المقررة نظاماً في مثل هذه الحالات. ووعد رئيس المجلس البلدي المهندس عباس الشماسي، أمس، برفقة عضو المجلس المهندس نجيب السيهاتي والباحث التاريخي حسين السلهام، بالعمل على تسوير الموقع وحمايته من العابثين في القريب العاجل، وذلك بالتنسيق مع الجهات المسؤولة حتى لو تطلب ذلك إسهام أعضاء المجلس في العمل على حماية الموقع من جيوبهم الخاصة. وكشف سائق الجرافة الذي يعمل لصالح مقاول تابع لبلدية محافظة القطيف، بأن جرّافته هي من أزالت معلم عين “الكعيبة التاريخي” ، وذلك ضمن الأعمال التي ينفذها المقاول لتأهيل مخطط سكني جنوب غرب بلدة الجش، في الوقت الذي شهد فيه الموقع زيارة مندوب من مكتب الآثار ومندوب من بلدية المحافظة. ويأتي العمل في الموقع الذي يحتضن المعلم الأثري بناءً على توجيهات صادرة من رئيس بلدية محافظة القطيف، المهندس خالد الدوسري قبل نحو 24 يوماً، خلال وقوفه على بعض مشروعات المنطقة، حيث وجه بالعمل على مشروع مخطط 741 في الجش، الذي وزعت أراضيه على المواطنين قبل نحو عشرين سنة. كما شهد الموقع، صباح أمس، زيارة لمدير عام الشؤون الفنية ببلدية محافظة القطيف شفيق آل سيف ومدير العلاقات العامة في بلدية المحافظة جعفر المسكين، ومندوب مكتب الآثار بالشرقية زكي آل سيف، رافقتهم فيها “الشرق”، حيث وقف الجانبان على موقع الحادث، واستغربا قيام الجرّافة التابعة للمقاول بكسح الموقع، رغم بعد المنطقة التي بدأ المقاول العمل فيها عن موقع العين، وهو الأمر الذي قد يشير إلى وجود تعمّد في إزالة المعلم. وقال المهندس شفيق آل سيف مخاطباً مندوب الآثار: “مازلت لم أفهم لماذا قطعت الجرّافة كل هذا المسار، واجتازت ممراً مائياً وعِراً وكسحت المعلم، رغم أن العمل لم يصل بعد لهذه المنطقة، ومن المفترض أن يصل إليها العمل بشكل تدريجي”، وتابع “أكدنا على المقاول في السابق أن هناك موقعاً أثرياً، ولكن حسبي الله ونعم الوكيل”. وطبقاً للمناقشات التي دارت بين الجانبين، فقد وعد المهندس شفيق آل سيف بفتح تحقيق في الحادث، ومحاسبة المسؤول، فيما طلب من مندوب مكتب الآثار تزويد البلدية بإحداثيات المعلم، وذلك للعمل على حمايته بشكل مؤقت لحين اتضاح الأمور. وأشار مدير مكتب الآثار في المنطقة الشرقية عبدالحميد الحشاش ل”الشرق” خلال زيارته للموقع، أمس الأول، إلى أنه زار موقع المعلم قبل نحو أسبوع، برفقة الباحث الأثري في المتحف الإقليمي بالمنطقة الشرقية نزار عبدالجبار، وذلك في إطار جولة تفقدية للمواقع الأثرية بالمنطقة بهدف العمل على حمايته وتأهيله. هذا وأشار العبدالجبار إلى أنه ستجري عمليات بحث رسمية للدوائر الحكومية لمعرفة المتسبب بإزالة عين الكعيبة، بسبب إزالتها دون الرجوع للآثار، رغم وجود قانون واضح “عدم إزالة أي أثر أو التعديل عليه إلا بالرجوع إلى الآثار”. وبناءً على ذلك، سيعمل على معرفة المتسبب، والأسباب التي أدت إلى قيامه بهذا الفعل، ويطالب بإعادة بنائها بإشراف من الهيئة، وأضاف أن الآثار تعمل دورية أسبوعية لمواقع الآثار لملاحظة ما إذا كان يوجد أي اعتداء عليها، وكان من المفترض أن يسور موقع “عين الكعيبة ” خلال الأسابيع المقبلة، وقال إن الآثار تشدد كثيراً على عدم التعدي عليها، وأنه يوجد صور قديمة للعين، وسيبنيها المتسبب بهدمها مثل ما كانت. من جانبه، ناشد عضو الجمعية التاريخية السعودية المؤرخ علي الدرورة مكتب الآثار بالاستعجال في تسوير الموقع، وحصره وإعادة بنائه بأسرع وقت؛ لكي لا تهمل القضية، ومعاقبة الفاعل، مطالباً في الوقت ذاته بكشف ملابسات إزالة موقع عين الشنيّة، وتقديم المتسببين في الكارثة للمساءلة القانونية، مذكراً الجميع بنظام الآثار الصادر بموجب مرسوم ملكي في عام 1392ه، وبالخصوص بالمادة 13 من النظام، التي تنص على عدم جواز البلدية أن تمنح رخص البناء والترميم في الأماكن القريبة من المواقع الأثرية والأبنية التاريخية إلا بموافقة من إدارة الآثار، والمادة 11 التي تحظر إتلاف الآثار المنقولة أو الثابتة أو إلحاق الضرر بها أو تشويهها. عين الكعيبة. وفي الإطار: مندوبو الآثار والبلدية خلال وقوفهم على الموقع أمس (تصوير: ماجد الشبركة)