الرياض – محمد العوني آل مشيط: اختلاف الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في المملكة وراء التوصية. نقلنا رأي المجتمع.. والشريعة لم تفرق في الذمة المالية بين الرجل والمرأة. نأمل أن تأخذ التوصية طريقها للتنفيذ قريباً لتأخذ الراغبات دورهن على قوائم الصندوق. الأنصاري: التوصية لن تؤخر قروض الصندوق العقاري.. والقوائم الحالية غالبيتها من النساء. باعجاجة: ستحرك ركود السوق ويكثر الطلب على شراء العقارات. اليحيى: لا بد من دخول البنوك التجارية لدعم خدمات الصندوق وتوفير فرص أكبر للمستفيدين. د. منى آل مشيط كشفت عضو مجلس الشورى الدكتورة منى آل مشيط تفاصيل توصية «المساواة بين الجنسين في القروض العقارية» التي نالت تأييد المجلس وتبنتها لجنة الشؤون المالية، وقالت: «في البداية رفضت التوصية من قبل اللجنة، بحجة أن الصندوق يهدف إلى الأسرة، ثم ورد ردٌّ آخر من اللجنة، ينص على دمج التوصية مع أخرى لتحديث شروط الاستحقاق وفق معايير تعطي الأولوية للأكثر احتياجاً للسكن دون اعتبار للجنس، موضحةً أن هذه التوصية لم تحدد معايير للحاجة (ما هو تعريف الأكثر احتياجاً؟) إلا أننا نتفق مع اللجنة في مضمون تلك التوصية ونرغب جميعاً في إعادة النظر في جميع الشروط، فالشروط غير منطقية خاصة في الظروف الحديثة، ونريد أن نؤسس لفكرة حق التكافؤ في الفرص بين الرجل والمرأة، لتملُّك عقار عن طريق الصندوق، بعد تحديث الشروط لاختلاف الظروف الاجتماعية والثقافية والاقتصادية للمملكة، فكان اعتراضنا على التوصية التي وردتنا من اللجنة هو أن هناك 3 مفاهيم مختلفة يجب التمييز بينها وهي «الحاجة للسكن، والقوامة، والعدل بين الرجل والمرأة». مشيرة إلى أن التوصية التي جاءت من اللجنة ركزت على مفهوم الحاجة وهو يختلف عما جاء في توصيتنا. قوامة الرجل وبينت آل مشيط أنها تؤمن بقوامة الرجل الشرعية على الأسرة، إلا أنها ترى أيضا أن الظروف الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الواقعية اختلفت، فهي تحتم على كثير من النساء -خاصة في الطبقة المتوسطة- المساهمة في المصروف المنزلي، الذي هو شرعاً مسؤولية الرجل، وقالت: «ما يحدث أن القوامة أحياناً تكون نظرياً، فيصرف الرجل على توفير مسكن العمر(وفي هذه الحالة دفع أقساط القرض)، وتصرف المرأة على غير ذلك، مما ليس له أصل ثابت، وهو مسؤولية الرجل أساساً، لكي تعيش الأسرة، فينتهي بنا المطاف إلى أن يضع الرجل ماله في أصل ثابت، وتخرج المرأة (من المولد بلا حمص)،وقد ضاع مالها هباء منثوراً. ثم في حالات الطلاق المرتفعة في المملكة تخرج من غير أن يكون لها مسكن يؤويها، وفي حالة الترمل يكون لها (ثُمُن) المنزل إن كان لها ولد، هذا في أحسن الأحوال، إن لم يشاركها فيه زوجات أخريات،!! فكيف يمكن لمثل هذا المنزل أن يصون كرامتها ويوفر لها الأمان، سواء كانت صغيرة في السن أو كبيرة، وتبدأ هي والمطلقة مشوار العشرين عاماً مع صندوق التنمية العقاري بعد أن ضعفت، وقد تدفع من مرتبها التقاعدي، في المقابل يأخذ الرجل القرض في سن 24، وقد لا يتزوج». تعديل الشروط وتضيف آل مشيط: «لكل هذه الفروقات وغيرها أردنا أن تنص توصيتنا على تعديل الشروط السابقة للحصول على قرض من الصندوق التي تميز بين الرجل والمرأة، وذلك بأن تعطى المواطنة فرصة متكافئة مع المواطن للحصول على قرض الصندوق»، مبينةً أن التوصية تنقل حاجة ورأي المجتمع عامة والنساء خاصة، وأن الشريعة الإسلامية لم تفرق في الذمة المالية بين الرجل والمرأة، فللمرأة ذمة مالية منفصلة عن الرجل، ولها كامل التحكم في مالها، كما أن النظام الأساسي للحكم في مادته الثامنة ينص على أن أساس الحكم في المملكة العربية السعودية هو العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية. مساواة المواطنة وزادت: «في الواقع إن التوصية التي تبناها المجلس التي تنص على مساواة المواطنة بالمواطن في شروط الحصول على قرض من صندوق التنمية العقارية لها مدلولها الكبير الذي يمكن النظر له من جانبين رئيسين: الأول هو ما حظيت به المرأة السعودية وما حققته من إنجازات في ظل دعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله ومتَّعه بالصحة والعافية، والجانب الثاني أدرك زملائي وزميلاتي في المجلس أهمية حصول المواطنة السعودية على حقوقها أسوة بأخيها الرجل، وهذا أيضاً يعكس دور المجلس وتمثيله لأطياف وشرائح المجتمع بما يعزز روح المواطنة لدى الجميع». عوامل أخرى وأوضحت «أن الموضوع يتعلق بأحقية التقديم لصندوق التنمية العقارية للحصول على قرض، حيث تتجاوز فترة الانتظار حالياً العشر سنوات، كما أن هنالك من وصل له دور القرض بعد طول انتظار ولم يتمكن من الاستفادة من القرض إما لعدم توفر أرض أو لكون القرض لا يغطي إلا جزءاً محدوداً من التكلفة، وبالتالي من يستفيد من القرض رجلاً كان أو امرأة يحتاج إلى توفر عوامل أخرى للحصول على القرض، وما تم التصويت عليه هو مساواة الجنسين في شروط التقديم للحصول على القرض وهذه من البديهيات، إذاً ليس من المعقول ألا يمكن للمواطنة غير المتزوجة التقديم إلا بعد سن الأربعين وتحصل على القرض ربما في الستين، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: أعمار أمتي بين الستين والسبعين». وتضيف: «فيما لو نُفِّذت التوصية لن تؤثر في دفع المجتمع للتفكك الأسري ولن يحدث أي نوع من التفكك الأسري، وإنما سوف يكون هناك ضمان لكرامة المرأة بدلاً من أن تكون عالة على غيرها ويساء معاملتها في حالة وفاة والديها». وحول القوائم الكبيرة والمتأخرة في الصندوق العقاري، التي قد تزيد لأضعاف، قالت: «الموضوع يتعلق بحق للمواطنة ولا يوجد مبرر مقنع لهضم حقها، وفي ظل الضوابط الجديدة لتسديد القروض وحسمها مباشرة من الراتب سوف يتيح ذلك استفادة عدد أكبر من المواطنين من القروض». مدة التوصية وحول المدة التي قد تستغرقها التوصية لحيز التنفيذ، قالت: «آمل أن تأخذ التوصية طريقها للتنفيذ قريباً، لكي يتاح للمواطنات الراغبات التقدم للحصول على قرض الفرصة لأخذ دورهن على قوائم الصندوق أسوة بإخوانهن الرجال». وأضافت: «المملكة قلب العالم الإسلامي ورائدة على المستوى الدولي، وتعززت مكانتها بفضل حكمة وقيادة خادم الحرمين الشريفين وما حظيت به المرأة من دعم ورعاية من لدنه يحفظه الله، مكن المرأة السعودية من احتلال المكانة اللائقة بها، فهناك العالمات والمبدعات والقياديات على جميع المستويات، إضافة إلى إتاحة الفرصة للعمل لمئات الآلاف من المواطنات في القطاعين العام والخاص، ومن المهم تحديث بعض الضوابط والأنظمة التي مضى على إقرارها فترة طويلة بحيث تتلاءم مع واقع المرأة الحالي في المملكة وكذلك مكانة المملكة عالمياً». حل جذري د. لبنى الأنصاري من جانبها، قالت عضو مجلس الشورى الدكتورة لبنى الأنصاري: «لا أعتقد أن التوصية ستضيف قوائم وتؤخر قروض الصندوق العقاري، وجزء كبير من القوائم الحالية يمثل نساء، وبصرف النظر عن زيادة أعداد المتقدمين وقوائم الانتظار، هذا ليس مبرراً ألا تأخذ المرأة فرصتها مثل الرجل في المجتمع، والمسألة تحتاج لحل جذري وليس منع النساء ليأخذ الرجال فرصتهم بسرعة، وليس من المفروض أن نربط التفكك الأسري بأن كل سيدة في العائلة سيصبح لديها منزل، والذمة المالية وحق التملك شيء ثابت في الإسلام، وخير دليل علاقة النبي صلى الله عليه وسلم مع خديجة رضي الله عنها، كانت هي من يملك المال والمنزل، وكان النبي يعمل لديها، ومن خلال علاقتنا بالمجتمع واحتكاكنا بالمرأة وتلمُّس صعوباتها ومعاناتها في كثير من الأحيان، نجدها تضطر للصرف على البيت ويكون لديها أرض تمنحها لزوجها للتقديم على الصندوق العقاري وتدفع أقساط القرض وبعد إنشاء المنزل يكون باسم الزوج، وفي حالات الطلاق أو وفاة الزوج ولديه زوجات غيرها سيشاركنها في المنزل الذي صرفت عليه من مالها ويضيع حقها، وتساءلت، هل هذا مناسب وعادل للمرأة المسلمة والسعودية، مضيفة إن هذه ليست حالات فردية في المجتمع، ولا نعلم عن نسبة وجودها لكننا نراها في المجتمع بكثرة». تركيبة العائلة وأضافت الأنصاري: «لا يمكن أن يكون القرض باسم العائلة لأن تركيبة العائلة في مجتمعنا مختلفة عن الآخرين بسبب تعدد الزوجات عند بعض الرجال، وتساءلت، إذا كانت المرأة راتبها أكثر ومؤهلة علمياً أكثر من الرجل، لماذا يكون المنزل باسم الرجل، وإن بعضهن يكون راتبها منخفضاً لكنه أكثر من راتب زوجها وتحتاج لقرض الصندوق العقاري لتكوِّن بيتاً لها ولأسرتها، لكن النظام الحالي لا يسمح لها وتضطر للتقديم وتحويل كل شيء باسم زوجها». فرص غير متكافئة وزادت: «بيَّنت دراسة التوصية من ناحية منطقية ولم يظهر في الوقت الحالي أي سلبيات مستقبلية فيها، وإن النظام الحالي فيه فرص غير متكافئة بين الجنسين، وأن الرجل يستطيع أن يقدم على الصندوق العقاري بعد 24 سنة حتى لو بقي دون زواج بقية عمره، بينما لا تستطيع المرأة إلا بعد 40 سنة إذا كانت غير متزوجة، مع أنها في حالات تكون عائلاً للأسرة، مضيفة إن اللجنة المالية في المجلس كانت متفهمة للموضوع ولم ترفض التوصية تماماً وكانت تعتقد دمجها مع توصية أخرى، لكن مقدمات التوصية رأين غير ذلك وهو ما تم، مؤكدةً أن اختيار ولي الأمر 20% من أعضاء المجلس سيدات هو لمراجعة حقوق المرأة في المجتمع وهو ما نقوم به، وبينت أنها لا تعلم متى ستأخذ التوصية حيز التنفيذ، لكنها تمنت أن يكون بوقت أسرع». قوائم الانتظار م. منصور اليحيى وقال المهندس منصور اليحيى: «إن فتح الباب لجميع النساء للاستفادة من خدمات الصندوق سيتيح للسيدة المتزوجة أو للفتاة الشابة التي لم تتزوج بعد الحصول على قرض، وبعد أن تتزوج يصبح لدى الأسرة مسكنان، من المؤكد أنها لن تستفيد من أحدهما، في المقابل هناك آلاف الأسر التي تسكن بيوتاً بالإيجار لم تتمكن من الاستفادة من قرض الصندوق، فأيهما أحق؟ أضف إلى ذلك مضاعفة قوائم الانتظار التي بحسب العدد المسجل رسمياً تجاوز المليوني طلب وحجم الإقراض السنوي الذي قارب 60 – 80 ألفاً سنوياً، ولنفترض أن المستفيدين بلغوا المائة ألف سنوياً، فإن الانتهاء من القائمة الحالية سيحتاج لعشرين عاماً من الانتظار، ولو أتيح لكافة الشرائح النسائية فسيتضاعف عدد المتقدمين، مما يعني أن تصل فترة الانتظار إلى أربعين عاماً، وهنا تتضح أهمية الدخول مع جهات التمويل والبنوك التجارية لدعم خدمات الصندوق وتوفير فرص أكبر للمستفيدين ليحققوا هدفهم بالتملك، وإن كان الصندوق بالفعل أطلق عدداً من البرامج التي يتم تفعيلها مع الجهات التمويلية مثل القرض الإضافي أو القرض المعجل المخصص لذوي المالية الجيدة الذي لم يطلق إلى الآن برغم أهميته؛ لأنه يتيح الاستفادة من رأس أموال البنوك وزيادة فرص الإقراض من قبل الصندوق، ولا أعتقد أن زيادة عدد قائمة المتقدمين وبالتالي فترة الانتظار سيكون له تأثير على السوق بشكل أو بآخر، إلا إذا كان هناك تفعيل لبرامج الإسكان والتملك وتحقيق تطلعات المواطنين بشكل أكثر تسارعاً، وبالتالي نصل كما يهدف الجميع إلى نسب تملك تقارع نسب التملك في عديد من الدول الأخرى». تحريك السوق د. سالم باعجاجة وأكد الأكاديمي الاقتصادي الدكتور سالم باعجاجة أن التوصية في حال دخولها حيز التنفيذ ستحرك من الركود والانخفاض الذي يشهده السوق العقاري ويكثر الطلب على شراء العقارات وترتفع أسعارها بشكل تدريجي، مشيراً إلى أنها ستؤثر على الإيجارات بالانخفاض، حيث سيصبح لدى بعض الأسر أكثر من منزل وتضطر لتأجيرها ويكثر المعروض للإيجار مما يسبب انخفاض أسعارها، مضيفاً أنه لن يؤثر كثيراً على قوائم الانتظار في صندوق التنمية العقارية، وأن بعض السيدات ستتجه للقروض البنكية العقارية وبذلك تنشط الحركة والرهون العقارية، وسيكون تأثير القرار في بداية تطبيقه إيجابياً ويتيح الفرصة لبعض الأسر لامتلاك العقارات، وتخفيض الأسعار للأسر التي لا تزال تسكن بالإيجار.